يُعد أسيتيل سيستئين (Acetylcysteine) أحد أهم الأدوية المستخدمة في الطب البيطري نظرًا لتعدد فوائده، وقدرته على التأثير في حالات حرجة مثل التسمم بالباراسيتامول، إضافةً إلى فعاليته كمذيب للبلغم ومحسّن لصحة الجهاز التنفّسي.
رغم شيوع استخدامه كدواء بيطري، إلا أن إعطائه للقطط يتطلب معرفة دقيقة بالجرعات (يصفه الأطباء البيطريين فقط)، وآلية عمل الدواء، وموانع الاستعمال، لضمان تحقيق أفضل فائدة دون تعريض القط لأي مخاطر من التعرض للتسمم به.
محتوى المقالة
ما هو دواء أسيتيل سيستئين؟
أسيتيل سيستئين (N-acetylcysteine) هو مركب دوائي مشتق من الحمض الأميني سيستئين، ويُوصف للقطط لأغراض متعددة أهمها كونه:
- مذيب للبلغم (Mucolytic) يساعد على تفكيك الإفرازات المخاطية السميكة ضمن الجهاز التنفسي.
- ترياقًا مضادًا للتسمم بالأسيتامينوفين (الباراسيتامول)، وهو الاستخدام الأكثر أهمية نظرًا لحساسية القطط الشديدة لهذا النوع من السموم.
كما يتوفر الدواء بصيغ صيدلانية مختلفة وجرعات قابلة للتعديل حسب الحالة الصحية للقطة.
آلية عمل أسيتيل سيستئين في جسم القطة
يعمل الدواء بآليتين رئيسيتين:
كَمُذيب للبلغم
يُضعِف الروابط الكيميائية في المخاط السميك داخل الجهاز التنفسي، مما يجعله أكثر سيولة وسهولة في التخلص منه، وبالتالي يسهّل عملية التنفس للقطط التي تعاني من:
- التهاب القصبات.
- الربو.
- التهابات الجهاز التنفسي السفلي.
وذلك بفضل تأثيره المباشر على تركيب المخاط.
كترياق للتسمم بالباراسيتامول
القطط غير قادرة على استقلاب الباراسيتامول كما يفعل البشر، مما يؤدي إلى تراكم مواد سامة تُعرف بـ NAPQI والتي تسبب فشلًا كبديًا وتلفًا في خلايا الدم.
يقوم الأسيتيل سيستئين برفع مستويات الجلوتاثيون، وهي مادة مضادة للأكسدة قادرة على معادلة مادة NAPQI السامة، وبالتالي حماية الكبد وتقليل تلف الأنسجة.
الاستخدامات العلاجية لدواء أسيتيل سيستئين للقطط
علاج التسمم بالباراسيتامول (الأسيتامينوفين)
وهو الاستخدام الأهم، إذ يعد الدواء الترياق الأساسي لهذه الحالة، وكلما كان التدخل مبكرًا، ارتفع احتمال النجاة واستعادة وظائف الكبد.
مذيـب للبلغم في أمراض الجهاز التنفسي
يُستخدم لعلاج:
- الاحتقان التنفسي.
- الالتهابات الرئوية.
- تراكم الإفرازات المخاطية.
إما عن طريق الفم أو الاستنشاق باستخدام جهاز الرذاذ (Nebulizer).
دعم الكبد في حالات التسمم الأخرى
يُستعمل أحيانًا كمضاد أكسدة للمساعدة في تقليل تلف الكبد في حالات التسمم بمواد مختلفة (حسب تقدير الطبيب البيطري).
أشكال الدواء وطُرق إعطائه للقطط
يتوفر أسيتيل سيستئين في صيغ دوائية مختلفة، ويمكن للطبيب البطري اختيار الطريقة المناسبة وفقًا للحالة المرضية:
- محلول فموي (Oral Solution): وهو الشكل الأكثر استخدامًا، خاصة في حالات التسمم، حيث يُعطى بجرعات محسوبة عبر السرنجة الفموية.
- حقن وريدية (IV): تُستخدم في الحالات الحرجة للتسمم بالباراسيتامول.يجب إعطاؤها فقط بواسطة طبيب بيطري داخل العيادة.
- استنشاق عبر جهاز الرذاذ (Nebulization): للأغراض التنفسية، حيث يساعد على إذابة المخاط. يُخفَّف عادةً بنسبة معينة قبل الاستنشاق لتجنب حدوث تهيّج.
- استخدام موضعي للعين (Ophthalmic): في بعض الأحيان يُستخدم كمحلول لتفكيك الإفرازات المخاطية السميكة على سطح العين.
الجرعات المناسبة للقطط
تعتمد الجرعة على وزن القطة وعلى سبب الاستخدام، ويجب دائمًا أن يحددها الطبيب البيطري. في الفقرات التالية جرعات استرشادية فقط (كما قلنا الطبيب البيطري هو الوحيد الذي يحدد الجرعة).
جرعة التسمم بالباراسيتامول
- 140 ملغ/كغ وزن حي كجرعة أولى.
- ثم 70 ملغ/كغ كل 6 ساعات، تُعطى من 4 جرعات إلى 17 جرعة حسب شدة الحالة.
عادةً يكون الشكل الفموي أكثر استخدامًا، ويمكن استخدام الشكل الوريدي بجرعات مماثلة ولكن بطريقة تخفيف مختلفة يحددها الطبيب البيطري.
الجرعة كمذيب للبلغم
70 ملغ/كغ عن طريق الفم كل 8 ساعات.
الجرعة للاستنشاق
من 1–2 مل من المحلول العلاجي، تُستخدم بعد تخفيفه بالسالاين (محلول ملحي) لمرتين يوميًا. (قد تختلف الكميات حسب تركيز المستحضر).
موانع استخدام أسيتيل سيستئين للقطط
يُمنع استخدام الدواء أو يُستخدم بحذر في الحالات التالية:
- الحساسية تجاه المادة الفعالة: وهي حالات نادرة لكنها محتملة.
- حالات الربو الشديدة أو التشنج القصبي: قد يُسبب الاستنشاق تفاقمًا مؤقتًا في الأعراض التنفسية، لذا يحتاج القطمراقبة دقيقة عند استخدامه.
- تهيّج المعدة أو القروح المعدية: لأن الدواء قد يسبب زيادة في الإقياء لدى بعض القطط الحساسة.
- الحمل والرضاعة: يتم استخدامه فقط إذا كانت الفائدة تفوق المخاطر، وتحت إشراف الطبيب البيطري.
التأثيرات الجانبية المحتملة
رغم أن الدواء آمن نسبيًا، إلا أن بعض الآثار الجانبية قد تظهر:
- القيء أو الغثيان: وهو العرض الأكثر شيوعًا عند إعطاء الجرعة الفموية للقطة.
- تهيّج في الجهاز التنفسي عند الاستنشاق: قد تعاني القطة من بعض الأعراض وتزول عادةً في وقت قصير:
- سعال.
- صفير بسيط.
- زيادة إفرازات الأنف.
- حساسية نادرة: تظهر على شكل:
- احمرار الجلد.
- تورم الوجه.
- صعوبة التنفس.
وهنا يجب إيقاف الدواء فورًا والاتصال بالطبيب.
نصائح مهمة قبل استخدام الدواء
- تأكد من سبب الحالة: فالدواء مفيد في حالات محددة، وإعطاؤه دون تشخيص صحيح قد يُجهد الكبد أو المعدة.
- لا تخلط الدواء مع أطعمة ساخنة: لأن الحرارة قد تؤثر على فعاليته.
- إذا كانت القطة مريضة بشدة ولا تأكل: يفضل استشارة الطبيب قبل إعطاء الدواء فمويًا، فقد تحتاج إلى إعطاء وريدي.
- للاستنشاق: استخدم جهاز النيبولايزر فقط، ولا تضع الدواء في مبخّرات منزلية عادية لأنها غير مخصصة للأدوية.
- راقب العلامات الحيوية بعد الجرعة الأولى: مثل التنفس، معدل ضربات القلب، ودرجة الوعي.
نصائح بعد إعطاء الدواء
- قدم الماء للقطة بكثرة لتقليل تهيّج المعدة.
- راقب أي علامات تحسن أو تدهور، خاصة خلال أول 24 ساعة.
- التزم بالجرعات الزمنية بدقة، فالتأخير يؤثر بشكل كبير في حالات التسمم.
- في حال حدوث قيء بعد الجرعة، اسأل الطبيب عما إذا كان يجب تكرارها.
أخطاء شائعة عند إعطاء أسيتيل سيستئين للقطط
- إعطاء الدواء دون استشارة بيطرية: خاصةً في حالات التسمم، فالجرعة غير الصحيحة قد تكون خطيرة.
- استخدام جرعات بشرية عالية: كثير من محاليل الأسيتيل سيستئين البشرية عالية التركيز، ما يجعل الجرعات الصغيرة صعبة القياس بدقة.
- إعطاء الاستنشاق بدون تخفيف: قد يسبب تهيّجًا شديدًا في القصبات.
- تقديم الدواء مع حليب أو وجبات دهنية: قد يؤثر ذلك في امتصاص الدواء ويزيد الإقياء.
- نسيان الجرعات المتتابعة في حالة التسمم: الجرعات الزمنية الدقيقة تُعد جزءًا أساسيًا من العلاج.
تحذير مهم
لا يجب أبدًا استخدام دواء أسيتيل سيستئين (أو أي دواء آخر) للقطط دون استشارة طبيب بيطري.
حتى الجرعات الآمنة نسبيًا قد تكون خطيرة إذا استُخدمت لحالة غير مناسبة أو على قطة تعاني من مرض آخر غير مشخص.
المصادر
- Merck Veterinary Manual
- Cornell Feline Health Center
- ASPCA Animal Poison Control Center
- Pet Poison Helpline
- Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)
تنويه طبي
تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.
حول كاتب المقال
د. أحمد محلي
طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.
أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.
شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.
بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.
هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم