يُعد بوتورفانول تارترات (Butorphanol Tartrate) واحداً من أهم مسكنات الألم الأفيونية المستخدمة في الطب البيطري، خصوصاً في القطط، حيث يمتاز بفعاليته العالية، وسرعة تأثيره، وأمانه النسبي مقارنة ببعض الأدوية الأفيونية الأخرى.
يُسوّق الدواء تجارياً تحت أسماء مثل Torbutrol و Torbugesic، ويأتي ضمن فئة الأدوية الأفيونية ذات التأثيرات المسكنة والمهدئة والمضادة للسعال.
هذا المقال يهدف لتقديم شرح كامل ومبسط للقارئ غير المختص حول استخدام الدواء في القطط، آلية عمله، دواعي استعماله، الجرعات الآمنة، الآثار الجانبية، والمخاطر المحتملة، مع نصائح مهمة قبل وبعد الاستخدام.
محتوى المقالة
ما هو دواء بوتورفانول تارترات؟
بوتورفانول هو دواء أفيوني اصطناعي يندرج تحت فئة المسكنات الأفيونية “Opioid analgesics”، ويستخدم لتخفيف الألم المتوسط إلى الشديد لدى الحيوانات، بما في ذلك القطط والكلاب والخيول. كما يُستخدم أيضاً كمهدئ خفيف، ودواء مضاد للسعال، وفي بعض الحالات ضمن بروتوكولات التخدير.
تنبع شهرة بوتورفانول في الطب البيطري من توازنه الجيد بين فعاليته في تسكين الألم ومعدل آثاره الجانبية الأقل مقارنة بأدوية أفيونية أخرى شديدة التأثير مثل الفنتانيل أو المورفين. وهذا يفسر إدراجه في المصادر البيطرية القيّمة كخيار آمن نسبيًا للحيوانات الصغيرة، ومنها القطط.
آلية عمل بوتورفانول في جسم القطة
يعمل بوتورفانول كـ ناهض جزئي partial agonist لمستقبلات µ-opioid وكـ منبه كامل kappa-agonist، وهذا المزيج يجعل تأثيره المسكن أقل خطورة من المسكنات الأفيونية الكاملة، إضافة إلى توفيره تأثيرات مهدئة جيدة دون تثبيط تنفسي شديد.
تأثيره على مستوى الجهاز العصبي
- يمنع انتقال الإشارات العصبية الخاصة بالألم عبر تثبيط مستقبلات معينة في الدماغ والحبل الشوكي.
- يقلل من استجابة الجهاز العصبي المركزي للمحفزات المؤلمة.
- يمنح تأثيراً مهدئاً يساعد القطط أثناء الفحوصات أو الإجراءات البسيطة.
أهم ما يميّز آلية عمله
- فعالية سريعة: يظهر تأثيره عادة خلال 5–10 دقائق عند إعطائه حقناً.
- مدة تأثير معتدلة: تستمر من 1 إلى 3 ساعات حسب طريقة الإعطاء.
- انخفاض احتمالية الإدمان مقارنة بالأفيونات الكاملة.
استخدامات بوتورفانول للقطط
كبقية الأدوية الأفيونية، يُستخدم بوتورفانول في حالات الألم، لكنه يمتلك أيضاً استخدامات أخرى بفضل خصائصه الفريدة. ومن أهم استعمالاته:
تسكين الألم المتوسط
يُعد خياراً ممتازاً لتسكين الألم المتوسط، خاصة في الحالات التالية:
- بعد إجراءات طب الأسنان.
- بعد جراحات بسيطة إلى متوسطة.
- آلام الإصابات السطحية.
- آلام البطن أو الالتهابات الداخلية الخفيفة إلى المتوسطة.
مهدئ قبل الإجراءات البيطرية
يدخُل ضمن بروتوكولات التخدير بسبب تأثيره المهدئ، إذ يساعد في تهدئة القط وتقليل توتره قبل:
- أخذ عينات الدم.
- الأشعة.
- الإجراءات البسيطة المؤلمة.
مضاد للسعال
بفضل تأثيره على مركز السعال في الدماغ، يستخدم أحياناً لعلاج:
- السعال الناتج عن التهابات الجهاز التنفسي.
- السعال العصبي المنشأ.
ضمن التخدير المتوازن
يستخدم كجزء من “multimodal analgesia” مع أدوية أخرى لتعزيز فعالية التخدير وتقليل جرعات المخدرات العامة.
أشكال الدواء وطرق إعطائه للقطط
يأتي بوتورفانول بعدة أشكال دوائية، ويحدد الطبيب الشكل المناسب تبعاً للحالة الصحية وسرعة التأثير المطلوبة.
الحقن (الأكثر استخداماً)
وهو الشكل الرئيسي المستخدم للقطط:
- حقن عضلية (IM).
- حقن تحت الجلد (SC).
- حقن وريدية (IV): تستخدم عادة في المستشفى البيطري.
الحقن تتيح التحكم السريع بالجرعة، ويبدأ مفعولها خلال دقائق.
الأقراص الفموية
غير شائعة في القطط بسبب صعوبة إعطاء الحبوب لها، لكن يمكن استخدامها في بعض الحالات الخفيفة، وتم إدراج Torbutrol ضمن مستحضراته.
الرذاذ الأنفي أو الشراب
يُستخدم في بعض الدول، لكنه أقل دقة في الجرعة ولا يُفضّل دائماً للقطط بسبب حساسية أنوفها.
ملاحظة:
لا يتوفر الدواء على شكل مرهم أو كريم موضعي، لأن تأثيره يعتمد على امتصاصه الداخلي ووصوله لمستقبلات الألم في الجهاز العصبي.
الجرعات المناسبة للقطط
تُعتبر الجرعة العامل الأكثر أهمية عند استخدام بوتورفانول، ويجب الالتزام الدقيق بتعليمات الطبيب لأنها تختلف حسب الوزن والعمر والحالة الصحية.
الجرعة العامة الشائعة (وفق المستويات المرجعية البيطرية)
تتراوح عادة بين 0.2 – 0.4 ملغ لكل كيلوغرام من وزن القطة (حسب شدة الألم وطريقة الحقن):
- الحقن الوريدي/العضلي: تأثير سريع وفعالية عالية.
- الجرعات المتكررة: يمكن تكرار الجرعة كل 2–4 ساعات حسب الحاجة وتقييم الطبيب.
أمثلة تقريبية:
- قطة وزنها 3 كغ: تحتاج عادة 0.6 – 1.2 ملغ.
- قطة وزنها 5 كغ: تحتاج 1 – 2 ملغ تقريباً.
الحالات التي قد تتطلب تعديل الجرعة:
- القطط الكبيرة في السن.
- القطط المصابة بأمراض الكبد.
- القطط المصابة بمشاكل القلب.
- القطط التي تتناول أدوية مثبطة للجهاز العصبي.
لا تُعد هذه الجرعات بديلة عن استشارة الطبيب، لأن مصدرها عام ويجب تعديلها حسب حالة القط. كما ورد في مرجع Saunders ضرورة اعتماد الجرعات بناءً على تقييم الطبيب المختص، لأن كل جرعة مصممة وفق الأدلة والدراسات السريرية، لاستخدام آمن وفعال للحيوان .
موانع استخدام بوتورفانول للقطط
بعض الحالات لا يمكن فيها استخدام الدواء أو يجب استخدامه بحذر شديد، منها:
- مشاكل الكبد: لأن استقلاب الدواء يتم عبر الكبد، وقد يؤدي ضعف الكبد إلى بقاء الدواء في الجسم لمدة أطول من الطبيعي.
- مشاكل التنفس: على الرغم من أن بوتورفانول أقل تسبباً في تثبيط التنفس من الأفيونات الأخرى، إلا أنه قد يزيد مشكلات التنفس في القطط التي تعاني مسبقاً من:
- الربو
- التهاب الرئة
- قصور الجهاز التنفسي
- إصابات الرأس: قد يرفع الضغط داخل الجمجمة.
- الحساسية تجاه الأفيونات: إن كانت القطة قد أظهرت حساسية لأدوية مشابهة.
- أمراض الكلى: لأن التخلص من بقايا الدواء قد يتأثر بضعف وظائف الكلى.
الآثار الجانبية المحتملة
مثل أي دواء أفيوني، قد تظهر بعض الآثار الجانبية، وتتفاوت من قطة لأخرى.
آثار شائعة
- خمول أو نوم زائد.
- ترنّح وصعوبة في الحركة.
- اتساع بسيط في حدقة العين.
- قيء أو غثيان في بعض الحالات.
- إمساك خفيف.
آثار أقل شيوعاً
- ارتباك أو هياج عند بعض القطط الحساسة.
- انخفاض معدل التنفس بدرجة خفيفة إلى متوسطة.
- بطء القلب.
آثار نادرة لكنها خطيرة
- ضيق شديد في التنفس.
- حساسية شديدة (طفح – تورم وجه – صعوبة تنفس).
كيفية التعامل مع الآثار الجانبية
- مراقبة القطة لبضع ساعات بعد إعطاء الجرعة.
- توفير مكان هادئ ودافئ.
- الاتصال بالطبيب عند ظهور أعراض شديدة مثل صعوبة التنفس أو فرط الهياج.
نصائح مهمة قبل استخدام الدواء
- التشخيص الصحيح: لا يجوز إعطاء أي مسكن قبل معرفة سبب الألم، فقد يخفي الدواء أعراض مرض خطير.
- إبلاغ الطبيب بأي أدوية أخرى: لأن مزج بوتورفانول مع أدوية مهدئة أو أفيونية أخرى قد يزيد خطر تثبيط التنفس.
- الصيام أحياناً: عند استخدامه قبل التخدير، قد يوصي الطبيب بصيام القطة لتجنب القيء.
- مراعاة الجرعة بدقة: يجب استخدام سرنجة دقيقة لأن القطط صغيرة الحجم، وأي خطأ صغير قد يسبب فرقاً كبيراً في التأثير.
- المراقبة بعد الجرعة: يجب مراقبة القطة لمدة ساعة على الأقل بعد إعطاء الجرعة.
نصائح بعد إعطاء الدواء
- وضع القطة في غرفة هادئة ومريحة.
- تجنّب اللعب العنيف أو القفز لأن التوازن قد يكون ضعيفاً.
- توفير ماء قريب وسهل الوصول.
- مراقبة التنفس، وإذا أصبح بطيئاً جداً يجب الاتصال بالطبيب.
- متابعة التحسن في مستوى الألم.
أخطاء شائعة عند إعطاء بوتورفانول وكيفية تجنبها
- استخدام جرعة غير مناسبة: بسبب صغر حجم القطط، أي زيادة بسيطة قد تسبب أثرًا مهدئًا قويًا أو تثبيطًا تنفسيًا. الحل: الالتزام بجرعة الطبيب فقط.
- إعطاؤه مع مهدئات أخرى دون استشارة الطبيب: قد يؤدي ذلك إلى مضاعفات تنفسية خطيرة.
- استخدامه لعلاج سعال دون فحص: قد يخفي سعالاً ناتجاً عن التهاب أو عدوى تحتاج علاجاً آخر.
- إعطاء الدواء القابل للحقن في المنزل بدون تدريب: الحقن الخاطئ قد يسبب ألمًا شديدًا أو مضاعفات.
تحذير مهم
هذا الدواء مصنف كدواء أفيوني، ولا يجوز استخدامه للقطط دون وصفة ومتابعة من طبيب بيطري مختص.
إساءة استخدام الأدوية الأفيونية قد يعرض حياة القطة لخطر كبير، كما تنص المراجع البيطرية على ضرورة أن يعتمد الأطباء على التقييم السريري والجرعات المبنية على الأدلة لكل دواء، بما في ذلك بوتورفانول تارترات، لضمان أقصى درجات الأمان والفعالية للحيوانات.
المصادر
- Merck Veterinary Manual
- Cornell Feline Health Center
- ASPCA Animal Poison Control Center
- Pet Poison Helpline
- Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)
تنويه طبي
تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.
حول كاتب المقال
د. أحمد محلي
طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.
أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.
شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.
بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.
هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم