يُعد دواء إينوكسابارين صوديوم أحد أهم الأدوية المضادة للتخثر المستخدمة في الطب البشري، وقد بدأ اللجوء إليه أيضًا في الطب البيطري، وبشكل خاص في حالات القطط التي تعاني من اضطرابات التخثر أو الجلطات الدموية.
على الرغم من ندرة الدراسات البيطرية حوله، إلا أنّ نتائجه العلاجية جعلته خياراً فعالاً في الكثير من الحالات الحرجة.
في هذا المقال الشامل سنقدّم تعريف الدواء، وآلية عمله، واستخداماته للقطط، وطرق إعطائه، والجرعات الصحيحة، بالإضافة إلى التحذيرات، التأثيرات الجانبية، ونصائح مهمة لتجنّب الأخطاء أثناء استخدامه.
محتوى المقال
ما هو دواء إينوكسابارين صوديوم؟
إينوكسابارين صوديوم هو هيبارين منخفض الوزن الجزيئي (LMWH)، ويُعرف تجاريًا باسم Lovenox®. يتم إنتاجه من الهيبارين التقليدي عبر عمليات تنقية خاصة تقلل وزنه الجزيئي ليصل إلى حوالي 4500 دايتون تقريباً، ما يجعله مختلفًا في آلية الامتصاص والتوزيع داخل الجسم.
يُصنَّف هذا الدواء ضمن الأدوية المضادة للتخثر (Anticoagulants)، ويُستخدم بشكل أساسي للوقاية من تكوّن الجلطات الدموية أو علاجها. يتميز عن الهيبارين التقليدي بأنه أكثر أمانًا وأقل تسببًا في النزيف، وله تأثير ثابت نسبياً، لكن نصف عمره في القطط قصير، مما يتطلب جرعات متكررة.
آلية عمل إينوكسابارين وكيف يؤثر في جسم القطة
يعتمد تأثير إينوكسابارين على قدرته في تنشيط عمل مضاد الثرومبين III، مما يؤدي إلى تثبيط عامل التخثر Xa المسؤول عن تكوين الجلطات.
بخلاف الهيبارين التقليدي، فإن تأثيره على العامل IIa (الثرومبين) ضعيف، وهذا ما يجعله أكثر أماناً وأقل عرضة للتسبب في النزيف.
يمتاز الإينوكسابارين عن الهيبارين بخصائص مهمة:
- امتصاص أفضل عند الحقن تحت الجلد.
- تأثير مضاد للتخثر أكثر ثباتًا.
- احتمالية أقل لحدوث نقص الصفائح الدموية الناتج عن الهيبارين.
- جرعات أقل عددًا مقارنةً بالهيبارين العادي، رغم أنها في القطط تبقى متكررة بسبب نصف العمر القصير.
نصف عمر الدواء في القطط يبلغ حوالي 1.9 ساعة فقط، مما يجعل تأثيره قصيرًا ويتطلب إعطاءه بشكل متكرر للحفاظ على مستوى مضاد التخثر المطلوب.
استخدامات إينوكسابارين صوديوم للقطط
يُستخدم إينوكسابارين في علاج أو الوقاية من عدة حالات خطيرة تتعلق بالتخثر، وأبرزها:
- علاج الجلطات الشريانية أو الوريدية: مثل الجلطات الناتجة عن أمراض القلب، وخاصةً في القطط المصابة باعتلال عضلة القلب الضخامي، حيث تكونعرضة لجلطات الأطراف الخلفية.
- الوقاية من التخثر في القطط ذات الخطورة العالية: مثل الحالات التي تستدعي البقاء في المستشفى أو القطط التي أجرت عمليات جراحية ويُخشى تعرضها لجلطات.
- علاج متلازمة التخثر المنتثر داخل الأوعية (DIC): حالة خطيرة تهدد الحياة وقد تتطلب مضاد تخثر لمنع التدهور.
- علاج الالتهاب أو الانسداد الرئوي: وهي حالة أقل شيوعًا لكنّها ممكنة لدى بعض القطط.
جميع هذه الاستخدامات تعتمد على تجارب سريرية بيطرية محدودة وعلى الدراسات البشرية، مما يجعل الجرعات الدقيقة والمتابعة البيطرية الصارمة أمراً ضرورياً.
طرق إعطاء الدواء للقطط
يُعطى دواء إينوكسابارين عن طريق الحقن تحت الجلد فقط (SQ)، ولا يجوز إطلاقاً إعطاؤه:
- عبر الوريد (IV).
- عبر العضلات (IM).
لأن ذلك قد يسبب نزيفاً أو مضاعفات خطيرة. يأتي الدواء غالباً في حقن جاهزة مسبقاً بتركيزات مختلفة (30–150 mg/mL)، مما يساعد في إعطائه بدقة.
لا يتوفر الدواء على شكل:
- حبوب.
- شراب.
- مرهم.
- أي شكل موضعي.
لأنه مصمم ليُحقن فقط للوصول السريع إلى الدم.
نصائح عند إعطاء الحقنة للقطط
- استخدام إبرة صغيرة، مثل إبر الأنسولين.
- حقن الدواء في طبقة الجلد وليس في العضلات.
- تغيير موضع الحقن في كل مرة لتقليل التهيج.
- التأكد من عدم وجود دم عند سحب الإبرة قبل الحقن.
الجرعات المناسبة للقطط
تُعد الجرعات من أدق الجوانب في استخدام هذا الدواء، لأن القطط تحتاج جرعات مختلفة عن البشر تمامًا. وقد أثبتت الدراسات أن الجرعات البشرية غير فعّالة للقطط ولا تحقق المستوى المطلوب من مضاد التخثر.
الجرعة الأساسية المعتمدة للقطط 1 mg/kg تحت الجلد كل 12 ساعة أظهر فعالية جيدة في القطط السليمة.
لكن بسبب نصف العمر القصير للدواء في القطط، توصلت دراسات أخرى إلى أن الجرعة المثلى للحفاظ على المستوى العلاجي للـ Anti-Xa هي 1.25 mg/kg تحت الجلد كل 6 ساعات. هذه الجرعة هي الأكثر اعتمادًا في الحالات الحرجة التي تتطلب تأثيرًا مستمرًا وفعالًا.
التعديل حسب حالة القطة
- القطط ذات الفشل الكلوي تحتاج إلى تقليل الجرعة لأن الدواء يخرج من الجسم عبر الكلى.
- القطط ذات الوزن الشديد أو النحافة الزائدة يتم تعديل الجرعة بدقة وفق الوزن الفعلي.
مراقبة مستويات Anti-Xa
رغم أنه ليس شائعًا في جميع العيادات، إلا أن الأفضل قياس مستوى Anti-Xa بعد 3–4 ساعات من الجرعة لضمان الوصول إلى 0.5–1.0 U/mL للقطط.
موانع الاستخدام
لا يجب إعطاء إينوكسابارين في الحالات التالية:
- الحساسية للهيبارين أو مشتقاته: الدواء مستخلص من منتجات خنزيرية، لذا يمنع إعطاؤه للقطط التي أظهرت حساسية معروفة.
- أمراض الكلى المتقدمة: لأن الدواء قد يتراكم في الجسم ويسبب نزيفًا.
- النزيف النشط أو الميل للنزيف: مثل قرحة المعدة أو إصابات داخلية.
- قبل العمليات الجراحية مباشرة: لتجنب النزيف المفرط.
- الاستخدام المتزامن مع أدوية أخرى مضادة للتخثر: مثل الأسبرين والوارفارين.
التأثيرات الجانبية المحتملة
رغم أمان الدواء مقارنة بالهيبارين، إلا أن القطط قد تعاني من بعض الآثار الجانبية، أهمها:
- النزيف: وهو أخطر تأثير، وقد يظهر على شكل:
- نزيف لثوي.
- دم في البول.
- دم في القيء أو البراز.
- كدمات في الجلد.
- ورم دموي في موقع الحقن: ممكن جداً عند الاستخدام.
- نقص الصفائح الدموية: وإن كان نادرًا في الحيوانات مقارنة بالبشر.
- ارتفاع بسيط في إنزيمات الكبد: غالبًا يكون مؤقتًا وغير خطير.
ماذا تفعل إذا ظهرت آثار جانبية؟
- إيقاف الدواء فورًا.
- في حال النزيف الشديد، يعالج باستخدام Protamine Sulfate، وهو الترياق المضاد للإينوكسابارين.
نصائح مهمة قبل وبعد الاستخدام
- استشر الطبيب البيطري قبل بدء الدواء.
- لا تغير الجرعة من نفسك مهما بدا لك تحسن الحالة.
- راقب القطة يوميًا للتأكد من عدم ظهور كدمات أو نزيف.
- احفظ الحقن في مكان بارد ومظلم.
- استخدم حقنة جديدة ومعقمة في كل مرة.
- لا توقف الدواء فجأة في الحالات الحرجة، فقد يحدث ارتداد تخثري بعد التوقف.
أخطاء شائعة عند إعطاء إينوكسابارين للقطط وكيفية تجنبها
- حقنه في العضلات: وهو خطأ خطير يسبب نزيفاً تحت الجلد. الصحيح: الحقن تحت الجلد فقط.
- استخدام الجرعات البشرية: هذه الجرعات غير فعّالة للقطط ولا تحقق المستوى العلاجي المطلوب.
- تكرار الحقن بمكان واحد: يسبب تهيجًا وتورمًا. الصحيح: التنويع بين الكتفين والجانبين.
- دمج الدواء مع محاليل أو أدوية أخرى: قد يُسبب تفاعلًا خطيراً.
- استخدامه مع الأدوية التي تؤثر على الصفائح: مثل الأسبرين. الصحيح: يجب استشارة الطبيب قبل دمجه مع أي دواء.
تحذير
يُعد دواء إينوكسابارين صوديوم من الأدوية الطبية الحساسة والخطرة عند استخدامها بدون إشراف بيطري. استخدامه الخاطئ قد يؤدي إلى نزيف داخلي قد يهدد حياة القطة. لذلك يمنع منعاً باتاً استخدام هذا الدواء للقطط دون استشارة طبيب بيطري مختص، ودون تحديد جرعة دقيقة ومتابعة دورية.
المصادر
- Merck Veterinary Manual
- Cornell Feline Health Center
- ASPCA Animal Poison Control Center
- Pet Poison Helpline
- Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)
تنويه طبي
تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.
حول كاتب المقال
د. أحمد محلي
طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.
أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.
شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.
بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.
هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم