الباراسيتامول للقطط: من أخطر الأدوية على الإطلاق

الأسيتامينوفين (أو ما يُعرف أيضًا بالباراسيتامول) هو واحد من أشهر مسكنات الألم وخافضات الحرارة المستخدمة عند البشر في مختلف الأعمار. وبسبب شيوعه وسهولة الحصول عليه، قد يظن بعض أصحاب القطط أنه مناسب للاستخدام المنزلي عند مرض القطة أو ارتفاع حرارتها.

لكن الحقيقة أن هذا الدواء يُعدّ من أخطر الأدوية على الإطلاق بالنسبة للقطط، وأن جرعة صغيرة جدًا منه قد تسبب تسممًا حادًا للقطط، وقد تكون قاتلة لها. إذ أنه :

• الأسيتامينوفين ليس معتمدًا بيطرياً للاستخدام في القطط، ويجب عدم إعطائه لها على الإطلاق .
• القطط شديدة الحساسية تجاهه وقد تتسمم بجرعات منخفضة جدًا قد تصل إلى 40–50 ملغ/كغ أو أقل بكثير من ذلك في بعض الحالات، وقد سُجّلت حالات تسمم قاتلة من جرعات أدنى من ذلك بكثير .

في هذا المقال، سنستعرض بشكل علمي ومبسّط كل ما يجب معرفته عن الأسيتامينوفين وخطورته على القطط، مع نصائح مهمة للحفاظ على سلامتها.

ما هو الأسيتامينوفين؟

الأسيتامينوفين (Acetaminophen) هو دواء مسكن وخافض للحرارة يُستخدم عند البشر لعلاج الألم المتوسط والحمّى. ينتمي إلى مجموعة دوائية مختلفة عن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)، وهو يتميز بعدم إحداث تهيّج للمعدة عند البشر.

لكن رغم فائدته للبشر، فإن هذا الدواء غير مخصص طبيًا ولا بيطريًا للقطط، بل يصنف في الكثير من المراجع البيطرية كدواء محظور وخطير جداً على القطط.

آلية عمل الدواء وكيف يؤثر في جسم القطة

يعمل الأسيتامينوفين في جسم الإنسان من خلال تثبيط إنزيمات معينة في الجهاز العصبي مسؤولة عن الإحساس بالألم وتنظيم الحرارة. لكن المشكلة الحقيقية تحدث في جسم القطة للأسباب التالية:

• القطط تفتقر للإنزيمات في الكبد المسؤولة عن استقلاب الأسيتامينوفين بشكل آمن (إنزيمات الغلوكورونيل ترانسفيراز).
• هذا يجعل الدواء يتحول في جسم القطة إلى نواتج سامة للغاية.
• هذه النواتج تؤدي إلى:
  • تلف شديد لخلايا الدم الحمراء (مما يؤدي إلى الميتهيموغلوبينية – Methemoglobinemia).
  • فشل كبدي حاد.
  • نقص حاد في الأكسجين داخل الجسم.
  • فشل أعضاء متعددة.

بمعنى آخر، الاستقلاب غير الكافي للأسيتامينوفين هو السبب المباشر لسميّته الشديدة في القطط .

هل يُستخدم الأسيتامينوفين علاجيًا للقطط؟

الإجابة القصيرة: لا. ففي الطب البيطري:

• لا توجد أي حالة طبية تبرر وصف الأسيتامينوفين للقطط.
• يستخدم في بعض الأحيان في الكلاب ولكن بحذر شديد وتحت رقابة الطبيب البيطري، ومع ذلك فهو غير معتمد لها رسميًا.
• أما بالنسبة للقطط فهو مصنف كدواء سام وممنوع.

كل المراجع البيطرية، تؤكد عدم وجود أي فائدة علاجية تبرر المجازفة بإعطائه للقطط نظرًا لخطورته العالية.

طرق إعطائه ولماذا لا يصلح للقطط

يأتي الأسيتامينوفين عند البشر في عدة أشكال دوائية:

• حبوب.
• شراب.
• تحاميل.
• حقن (في بعض الدول).
• تركيبات للأطفال.

ولكن بالنسبة للقطط:

جميع هذه الأشكال الدوائية غير آمنة إطلاقًا ولا يُسمح باستخدام أي منها للقطط.

حتى الجرعات المخصصة للأطفال (رغم انخفاض تركيزها) يمكن أن تكون قاتلة لقطة صغيرة، وقد سجلت حالات مميتة من تناول ربع قرص بشري فقط.

المشكلة ليست في الشكل الدوائي، بل في عدم قدرة جسم القطة على التعامل مع المادة الفعالة نفسها.

الجرعات (لماذا لا توجد جرعة آمنة)

من أهم النقاط التي يجب توضيحها:

لا توجد جرعة آمنة من الأسيتامينوفين للقطط

• قد تحدث السميّة لدى القطط بجرعات منخفضة جدًا.
• الجرعة القاتلة قد تكون أقل من 50 ملغ/كغ.

وحتى لو تناولت القطة كمية أقل من هذا الحد بكثير، فذلك لا يجعلها جرعة آمنة، إذ تختلف حساسية القطط حسب العمر والحالة الصحية وقدرتها على الاستقلاب.

وعليه فأن أي كمية من الدواء يمكن أن تسبب تسممًا خطيرًا، ولا يجب أبدًا محاولة “تقدير” جرعة للقطط من أدوية البشر.

موانع الاستعمال

نظرًا لخطورته، فإن موانع استعمال الأسيتامينوفين لدى القطط تشمل:

• جميع القطط دون استثناء.
• خاصة القطط الصغيرة.
• القطط الحامل.
• القطط المُرضعة.
• القطط التي تعاني من أمراض كبدية أو دموية (وهذه تتسمم بجرعات أقل).
• القطط التي تتناول أدوية قد تؤثر في الكبد.

التأثيرات الجانبية والتسمم بالأسيتامينوفين

التأثيرات الجانبية ليست “عادية” كما في باقي الأدوية، بل هي “علامات تسمّم خطير”.

أعراض التسمم الشائعة عند القطط تشمل:

• ضيق تنفس شديد: بسبب تلف خلايا الدم الحمراء وعدم قدرتها على حمل الأكسجين.
• تورّم الوجه أو الأطراف: علامة مباشرة للتسمم.
• تلون اللثة باللون البني أو الأزرق: من أخطر العلامات، وهي نتيجة نقص الأكسجين.
• قيء وإجهاد شديد: بسبب الضرر الكبدي السريع.
• ارتفاع نبضات القلب والتنفس.
• برودة الأطراف وانخفاض الوعي.
• وفاة خلال 24–72 ساعة في حال عدم العلاج.

يعتبر الأسيتامينوفين سببًا مباشرًا للميتاهيموغلوبينية والفشل الكبدي الحاد في القطط.

كيفية التعامل مع التسمم بالأسيتامينوفين

إذا اشتبهت في تناول القطة أي كمية من الدواء، يجب:

• التوجّه للطبيب البيطري فورًا دون تأخير: الساعات الأولى حاسمة في إنقاذ حياة القطة.
• عدم محاولة التقيؤ في المنزل: قد يزيد الوضع سوءًا في بعض الأحيان.
• إحضار عبوة الدواء للطبيب: ليعرف التركيز والكمية. سيقوم الطبيب غالبًا (العلاج متاح لكنه لا يضمن النجاة دائمًا كلما تأخر الوقت)بـ:
  • إعطاء أسيتيل سيستئين (N-acetylcysteine) وهو الترياق المضاد للسمية.
  • دعم الكبد.
  • دعم الجهاز التنفسي.
  • معالجة الأعراض المصاحبة.
  • بقاء القطة تحت المراقبة لعدة أيام.

نصائح مهمة قبل أي استخدام دوائي للقطط

حتى لا يقع المربي في كارثة غير مقصودة، إليك أهم النصائح:

• لا تعطِ القطة أي دواء بشري إلا بأمر طبيب بيطري: حتى الأدوية “البسيطة” ليست بسيطة في عالم القطط.
• خزّن أدوية البشر بعيدًا عن متناول الحيوانات.
• استشر الطبيب عند أي ارتفاع حرارة أو ألم: فالقطط لا تتحمل الكثير من مسكنات البشر.
• استخدم بدائل آمنة يصفها الطبيب فقط: هناك مسكنات خاصة للقطط لا تسبب نفس الضرر.
• تعرّف إلى أعراض التسمم لتستطيع التصرف سريعًا عند الحاجة.

أخطاء شائعة عند أصحاب القطط

• إعطاء القطة نصف قرص من باراسيتامول الأطفال: هذا خطأ قاتل، فالقطط أكثر حساسية بكثير من الأطفال.
• الاعتقاد بأن جرعات صغيرة “لا بأس بها”: لا توجد جرعة آمنة أبدًا للقطط.
• تأخير زيارة الطبيب عند ظهور الأعراض: كل ساعة تأخير قد تعني فقدان فرصة النجاة.
• خلط أدوية بشرية مع طعام القطة لإخفائها: يحول الوضع إلى تسمم خطير.
• الاعتماد على تجارب أصدقاء أو مواقع غير موثوقة: صحة قطتك ليست مجالًا للتجارب.

تحذير

لا يجب تحت أي ظرف إعطاء القطط دواء الأسيتامينوفين (الباراسيتامول).

وأي دواء – مهما بدا بسيطًا – يجب ألا يُعطى للقطط بدون استشارة طبيب بيطري مختص.

سلامة قطتك تعتمد على وعيك، وعلى التزامك بالاستشارة الطبية قبل أي خطوة علاجية.

إذا رغبت في كتابة مقالات مشابهة عن أدوية أخرى للقطط أو تحويل المقال إلى PDF، يسعدني مساعدتك.

ختاماً

الأسيتامينوفين دواء شائع وفعّال وآمن للبشر عند استخدامه بشكل عقلاني، ولكنه في المقابل يعدّ واحدًا من أشدّ السموم خطورة على القطط.

تفتقر القطط لإنزيمات قادرة على استقلاب الدواء، ما يجعل أي كمية منه – حتى لو كانت صغيرة جدًا – قادرة على التسبب بأضرار كارثية تشمل تلف الدم والكبد، وقد تؤدي للوفاة.

المصادر

• Merck Veterinary Manual
• Cornell Feline Health Center
• ASPCA Animal Poison Control Center
• Pet Poison Helpline
• Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)

تنويه طبي

تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.

حول كاتب المقال

د. أحمد محلي

طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.

أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.

شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.

بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.