هل يصلح دواء الكودايين للقطط: دليل بيطري شامل

يُعد دواء الكودايين (Codeine) واحداً من أبرز الأدوية الأفيونية المستخدمة في الطب البشري والبيطري، ويمتلك خصائص مسكّنة ومضادّة للسعال.

رغم أن استعماله في القطط يحتاج إلى احتياط كبير وحسابات دقيقة، إلا أنه قد يكون خياراً علاجياً مهماً في بعض الحالات، خصوصاً في السيطرة على الألم المتوسط إلى الخفيف.

يقدم هذا المقال دليلاً مفصلاً يغطي آلية عمل الدواء، الجرعات، أشكال الاستخدام، الموانع، التأثيرات الجانبية، والأخطاء الشائعة عند إعطائه للقطط.

ما هو دواء الكودايين؟

الكودايين هو دواء أفيوني (Opioid) من فئة المسكنات والمضادّات للسعال، يُشتق من مجموعة الفينانثرين المشتقة من الأفيون الخام. يعمل كمنشط لمستقبلات الأفيون في الجهاز العصبي، ويُستخدم منذ سنوات طويلة في تسكين الألم وإيقاف السعال لدى البشر والحيوانات.

للكودايين عدة أشكال كيميائية، أهمها الكودايين فوسفات والكودايين سلفات، وكلاهما قابلان للذوبان في الماء بدرجات متفاوتة، ويُستخدمان في تحضير الحبوب والشراب والحقن.

يُعد الكودايين من الأدوية الخاضعة للرقابة بصفته دواءً أفيونياً، وتختلف درجة الرقابة حسب الشكل الدوائي، حيث تُصنَّف منتجات الكودايين النقية على أنها مواد خاضعة للرقابة من الفئة الثانية (C-II) في الاستخدام البشري، لكنها غير متوفرة بمنتجات مخصصة بيطرياً للقطط.

آلية عمل الكودايين في جسم القطة

يعمل الكودايين عبر الارتباط بمستقبلات الميو (µ) والكابا (κ) في الجهاز العصبي، وهي المستقبلات المسؤولة عن تثبيط نقل الإشارات العصبية المرتبطة بالألم والسعال. ونظراً لأن الكودايين أقل قوة من المورفين بحوالي عشر مرات، فإن تأثيراته المسكّنة أخف، وتظهر خصائصه المضادة للسعال بوضوح كذلك.

يمر الدواء بعد تناوله بعملية امتصاص وتحويل داخل الكبد، ورغم أن المعلومات الخاصة بالقطط محدودة، إلا أن الأبحاث تشير في الكلاب إلى ضعف امتصاص الكودايين عند إعطائه فموياً، وهو أمر قد ينطبق بدرجة ما على القطط أيضاً، مما يستدعي تعديل الجرعات بعناية ومتابعة التأثير السريري .

بعد الامتصاص، يبدأ تأثيره عادة خلال 30 دقيقة تقريباً، وتستمر الفعالية بين 4 إلى 6 ساعات، قبل أن يتم استقلابه في الكبد وطرحه عبر البول.

لماذا يُوصف الكودايين للقطط؟

رغم أن القطط أكثر حساسية تجاه الأفيونات مقارنة بالكلاب، إلا أن الكودايين يُستخدم في بعض الحالات البيطرية بجرعات منخفضة وتحت إشراف طبيب بيطري متخصص. ومن أهم دواعي استعمال الكودايين:

تسكين الألم المتوسط إلى الخفيف

يُستخدم الكودايين لتخفيف الألم الحاد أو المتوسط، سواء بعد العمليات الجراحية أو إصابات الأنسجة الرخوة أو الألم المزمن. وقد أشارت المراجع إلى إمكانية استخدامه للقطط عند الألم الحاد بجرعات فموية مناسبة.

علاج السعال

بصفته مضاداً قوياً للسعال، يمكن اللجوء إليه عند وجود حالات سعال جاف شديد، إلا أن فعاليته في الحيوانات ما تزال موضوع نقاش علمي، إذ أن فعاليته كمضاد للسعال لم تُثبت سريرياً بشكل قاطع في الحيوانات، رغم الانتشار الواسع لاستخدامه في البشر.

السيطرة على الألم المزمن

في بعض الحالات المزمنة مثل التهاب المفاصل أو الألم العصبي، قد يُستخدم الكودايين لفترات أطول ولكن بأقل جرعة فعالة وتحت مراقبة مستمرة.

أشكال الكودايين المتوفرة وكيفية إعطائه للقطط

لا توجد منتجات بيطرية مخصصة للقطط تحتوي على الكودايين، لذلك يُستخدم الدواء عادة من المنتجات البشرية بجرعات محسوبة بعناية.

وتشمل الأشكال الدوائية:

الحبوب (Tablets)

تتوفر حبوب الكودايين البشرية بتركيزات 15، 30، و60 ملغ، وهي الأكثر استخداماً في الطب البيطري. في القطط، يتم تجزئة الجرعات بدقة حسب الوزن، ويُفضل استخدام الحبوب الأقل تركيزاً لتسهيل الوصول للجرعة المطلوبة.

يُحظر تماماً استخدام الحبوب التي تحتوي على باراسيتامول (أسيتامينوفين)، Aspirin، أو أي مزائج أخرى لأنها شديدة السمية للقطط، وتجدر الاشارة الى ضرورة منع استخدام منتجات الكودايين المقترنة بأسيتامينوفين مثل Tylenol® #3 في القطط بشكل قاطع.

الشراب (Syrup)

يتوفر شراب الكودايين بتركيزات منخفضة غالباً (مثل 5 ملغ/مل). ورغم سهولة إعطائه، إلا أن بعض الشرابات تحتوي على مواد إضافية غير مناسبة للقطط، لذلك لا يجوز استخدامها إلا بعد مراجعة مكوناتها من قبل الطبيب البيطري.

الحقن (Injection)

تتوفر حقن الكودايين بتركيزات 15 و30 ملغ/مل، لكنها نادراً ما تُستخدم للقطط بسبب صعوبة التحكم في الجرعة وارتفاع خطر الآثار الجانبية.

كما يجب التأكد من خلوها من المواد الحافظة الضارة للقطط. يتم حفظ الحقن في حرارة الغرفة مع تجنب الضوء والتجميد.

الأشكال المركبة (Combination Products)

مثل الكودايين مع باراسيتامول أو أسبرين. وهذه ممنوعة منعاً باتاً للقطط لأنها قد تسبب تسمم دموي وكبدي قاتل.

الجرعات المناسبة للقطط

جرعات الكودايين المسموح بها للقطط هي:

جرعة تسكين الألم (Analgesic dose)

• 0.5 – 2 mg/kg فموياً (PO) كل 6–12 ساعة، حسب شدة الألم والاستجابة للعلاج.
• جرعة أخرى مقترحة: 0.5–2 mg/kg PO كل 6–8 ساعات (وفقاً لـ Scherk 2003).
• كما وردت جرعة ثابتة لدى بعض المراجع: 0.5 mg/kg PO كل 6 ساعات (Gaynor 2008).

ملاحظات مهمة بخصوص الجرعات

• لا يجوز استخدام أي تركيبة تحتوي على أسيتامينوفين.
• يجب تعديل الجرعة عند: القطط الصغيرة جداً، القطط الكبيرة في السن، أمراض الكبد أو الكلى، الضعف العام أو سوء التغذية.

موانع الاستعمال

هناك حالات يجب الامتناع فيها تماماً عن إعطاء الكودايين، أو استعماله بحذر شديد. وتشمل:

• الحساسية تجاه الأفيونات: يُمنع إعطاء الكودايين للقطط التي تظهر حساسية سابقة للأدوية الأفيونية.
• أمراض الكبد الحادة: لأن الدواء يُستقلب بالكامل تقريباً عبر الكبد، وقد يؤدي إلى تراكمه وحدوث تسمم.
• أمراض الكلى المتقدمة: بسبب ضعف طرح نواتج استقلابه عبر البول.
• مرضى الجهاز التنفسي: قد يُفاقم الكودايين صعوبة التنفس، وفي حالات مثل الوذمة الرئوية يجب تجنبه تماماً.
• إصابات الرأس أو ارتفاع ضغط الدماغ: لأن الأفيونات قد تغيّر العلامات العصبية الأساسية، مما يصعّب تشخيص الحالة أو قد يزيد الضغط داخل الجمجمة.
• حالات الإسهال الناتج عن تسمم: لا يجوز استخدامه في حالات الإسهال السام لأنه قد يقلل حركة الأمعاء ويؤخر طرح السموم.
• استعماله مع أدوية معينة: مثل:
  • مثبطات MAO.
  • مضادات الاكتئاب.
  • مضادات الهيستامين والمنومات.
  • الكحوليات أو المهدئات هذه المواد قد تضاعف تأثير التسكين أو تثبيط الجهاز التنفسي.

التأثيرات الجانبية المحتملة

الكودايين من الأدوية القادرة على التسبب بآثار جانبية مختلفة، خاصة في القطط التي تُظهر حساسية عالية تجاه الأفيونات.

التأثيرات الأكثر شيوعاً

• النعاس الشديد (الأكثر ظهوراً).
• فقدان الشهية.
• القيء.
• الإمساك.
• بطء حركة الأمعاء (قد يصل إلى انسداد وظيفي – Ileus).

التأثيرات العصبية

قد تسبب الأفيونات في القطط فرط استثارة عصبية بدلاً من التهدئة، وتشمل:

• رعشات.
• ارتفاع النشاط.
• تشنجات وهذه الحالات تستدعي إيقاف الدواء فوراً وإبلاغ الطبيب البيطري.

تأثيرات تنفسية

في الجرعات العالية قد يحدث:

• تثبيط تنفسي.
• بطء التنفس.
• انخفاض تشبع الأكسجين.

وفي حالة التسمم يُستخدم ترياق النالوكسون Naloxone.

تأثيرات هضمية صفراوية

قد يسبب:

• تشنجات في القناة الصفراوية.
• زيادة إنزيمات البنكرياس (أميليز وليباز) حتى 24 ساعة بعد الجرعة.

نصائح مهمة قبل استخدام الكودايين وبعده

• راقب قطتك بعد الجرعة الأولى لمدة ساعتين على الأقل.
• ابدأ دائماً بأقل جرعة فعالة ثم زيادتها فقط عند الحاجة.
• تجنب الجمع بين الكودايين وأي مهدئ أو دواء آخر دون استشارة بيطرية.
• تأكد من شرب القطة للماء لتقليل خطر الإمساك.
• لا تستخدم الحبوب البشرية المركبة أو المتعددة المواد.
• خزّن الدواء في مكان آمن بعيداً عن الأطفال أو الحيوانات الأخرى.
• في حال ظهور نعاس شديد جداً، تباطؤ تنفس، قيء متكرر، أو تشنجات، يجب التوقف فوراً عن الدواء ومراجعة الطبيب.

الأخطاء الشائعة عند إعطاء الكودايين للقطط

• استخدام منتجات تحتوي على أسيتامينوفين: وهذا خطير جداً وقد يؤدي إلى موت القطة.
• تقدير الجرعة بناءً على تجارب بشرية: الكودايين دواء أفيوني، وفارق الاستجابة بين الإنسان والقطط كبير وخطر جداً.
• إعطاء الشراب الذي يحتوي على مكونات سامة للقطط: بعض شرابات السعال البشرية تحتوي على كحول أو مضادات احتقان خطيرة.
• عدم تقسيم الحبوب بدقة: الحبوب ذات التركيز العالي قد تسبب جرعة زائدة بسهولة إذا لم تُقسّم بشكل صحيح.
• استمرار الاستخدام رغم وجود أعراض جانبية واضحة: مثل الإمساك الشديد أو العصبية أو القيء.

تحذير

دواء الكودايين Codeine من الأدوية التي تتطلب حساباً دقيقاً للجرعة، ومراقبة لصيقة للقطة، ومعرفة تامة بموانع الاستخدام والتفاعلات الدوائية. لذلك يُمنع منعاً باتاً استخدام هذا الدواء دون استشارة طبيب بيطري مختص.

استخدام الجرعات البشرية أو التركيبات المركبة قد يؤدي إلى تسمم قاتل. إن الطبيب البيطري وحده هو المخوّل بتحديد الجرعة الصحيحة، وفترة العلاج، وطريقة الإعطاء المناسبة.

المصادر

• Merck Veterinary Manual
• Cornell Feline Health Center
• ASPCA Animal Poison Control Center
• Pet Poison Helpline
• Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)

تنويه طبي

تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.

حول كاتب المقال

د. أحمد محلي

طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.

أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.

شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.

بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.