يُعد دواء اللاكتولوز (Lactulose) من أشهر الملينات الأسموزية في المجال البيطري، وهو دواء واسع الاستخدام في علاج الإمساك لدى القطط، وخاصة الحالات المزمنة أو الناتجة عن مشاكل في القولون. كما يُستخدم أيضاً بشكل مهم في حالات معينة من أمراض الكبد التي تؤدي إلى ارتفاع مستوى الأمونيا في الدم.
بالرغم من أنه دواء آمن بشكل عام، فإن استخدامه يحتاج إلى معرفة دقيقة بآلية عمله وجرعاته المناسبة، إضافةً إلى التعليمات والإرشادات الضرورية لتجنب أي مضاعفات.
في هذا المقال الشامل، نقدّم للقارئ غير المختص ملخصاً علمياً مبسّطاً ومفصلاً عن هذا الدواء، بدءاً من تعريفه، مروراً بآلية عمله، وصولاً إلى استخداماته، جرعاته، وأهم التحذيرات المتعلقة به.
محتوى المقال
ما هو اللاكتولوز؟
اللاكتولوز هو سكر صناعي غير قابل للامتصاص داخل الجهاز الهضمي، ويُستخدم كدواء ملين لتحفيز حركة الأمعاء وزيادة ليونة البراز.
رغم استعماله بكثرة في الطب البشري، فإنه يُستخدم أيضاً في الطب البيطري لعلاج الإمساك المزمن في القطط والكلاب.
يُعد اللاكتولوز خياراً آمناً لتخفيف الإمساك وعلاج الاضطرابات التي يرتفع فيها مستوى الأمونيا داخل الجسم، مثل اعتلال الدماغ الكبدي .
ويتوفر الدواء عادةً على شكل محلول شراب، وهو الشكل الأساسي المستخدم للقطط، حيث يتميز بسهولة إعطائه وإمكانية تعديل جرعته بدقة وفق الحاجة.
كيف يعمل اللاكتولوز داخل جسم القطة؟
تعتمد آلية عمل اللاكتولوز على مجموعة من التفاعلات الحيوية داخل الأمعاء:
التأثير الملين (الملين الأسموزي)
عند وصول اللاكتولوز إلى القولون دون أن يُمتص، تبدأ البكتيريا النافعة في تخميره، مما يؤدي إلى إنتاج أحماض عضوية منخفضة الوزن. هذه الأحماض تعمل على:
- زيادة الضغط الأسموزي داخل القولون.
- سحب الماء إلى داخل الأمعاء.
- زيادة حجم البراز وبالتالي تحفيز حركة الأمعاء الطبيعية.
ونتيجة لذلك يتم تليين البراز وتسهيل مروره، مما يساعد القطة على التخلص من الإمساك دون ألم.
تقليل مستوى الأمونيا في الجسم
هذا التأثير يجعل اللاكتولوز مهماً في حالات أمراض الكبد، خاصة التي تؤدي إلى تراكم الأمونيا. يعمل اللاكتولوز عبر:
- تحويل الأمونيا إلى أيونات أمونيوم غير قابلة للامتصاص.
- تقليل انتقال الأمونيا إلى الدم.
- تعزيز التخلص منها عن طريق البراز.
وهذه آلية علاجية مهمة عند القطط التي تعاني من مشاكل كبدية خطيرة.
الاستخدامات العلاجية لللاكتولوز عند القطط
وفقاً للمراجع البيطرية، تشمل استخدامات اللاكتولوز في القطط ما يلي:
علاج الإمساك الحاد والمزمن عند القطط
يُعد اللاكتولوز أحد العلاجات الأساسية للإمساك، خاصة:
- الإمساك الناتج عن الجفاف.
- الإمساك المرتبط بقلة الحركة.
- الإمساك الناتج عن القولون المتضخم (Megacolon).
- الإمساك المزمن الذي يتطلب علاجاً مستمراً.
ويفضله الأطباء البيطريون لأنه يمكن التحكم في جرعاته بسهولة ويعطي نتائج متوقعة.
علاج أو دعم حالات اعتلال الدماغ الكبدي
عند ارتفاع الأمونيا في الدم بسبب قصور الكبد، قد تصاب القطة بحالة عصبية خطيرة تشمل الترنح وفقدان التوازن. في هذه الحالات يُستخدم اللاكتولوز لتقليل إنتاج وامتصاص الأمونيا، مما يساعد على استقرار حالة القطة.
دعم علاج حالات تحتاج إلى تليين البراز
مثل:
- بعد بعض العمليات الجراحية.
- أثناء علاج الشق الشرجي.
- في حالات التهاب المستقيم أو القولون التي يزيد فيها الألم أثناء التبرز.
طرق إعطاء اللاكتولوز للقطط بالتفصيل
تتوفر معظم منتجات اللاكتولوز للقطط على شكل شراب، وهو الشكل الأكثر شيوعاً وسهولة للاستخدام. وفيما يلي الطرق المتاحة:
الشراب الفموي (الشكل الأكثر شيوعاً)
- يُعطى بواسطة سرنجة بلاستيكية دون إبرة.
- يمكن خلطه مع طعام القطة الرطب لتقليل رفضها له.
- يمكن إعطاؤه مباشرة في الفم للقطط المتعاونة.
لماذا لا تتوفر منه الحبوب أو الحقن أو المراهم للقطط؟
لأن اللاكتولوز يعتمد في تأثيره العلاجي على وصوله إلى داخل القولون دون تغيير، وهو ما تحققه السوائل فقط بكفاءة. كما لا تتوفر أشكال حقنية مخصصة للحيوانات، ولا توجد ضرورة دوائية لذلك.
الجرعات المناسبة للقطط
جرعة اللاكتولوز تعتمد على الحالة الصحية ودرجة الإمساك، لكن بشكل عام الجرعة العامة للقطط 0.5–1 مل لكل كيلوجرام من وزن القطة، مرتين إلى ثلاث مرات يومياً، وقد يتم تعديل الجرعة لاحقاً لتحقيق ليونة مناسبة للبراز، سواء بزيادتها أو تقليلها.
📌 مثال: قطة وزنها 4 كجم تحتاج غالباً إلى 2–4 مل لكل جرعة، مرتين أو ثلاث مرات يومياً.
في حالات الإمساك المزمن أو القولون المتضخم
قد يوصي الطبيب بجُرعات أعلى قليلاً أو بزيادة عدد المرات للوصول إلى حركة أمعاء طبيعية.
في حالات اعتلال الكبد
تستخدم الجرعات نفسها تقريباً، لكن الهدف يكون الوصول إلى 2–3 مرات تبرز يومياً.
ملاحظة مهمة
الجرعات الدقيقة يجب أن يحددها الطبيب البيطري، لأنها تختلف حسب:
- عمر القطة.
- وزنها.
- شدة الإمساك.
- وجود أمراض مرافقة مثل أمراض الكلى أو الكبد.
- التفاعل مع أدوية أخرى.
موانع استعمال اللاكتولوز عند القطط
على الرغم من أمان الدواء، فإن هناك حالات يجب فيها تجنبه:
- انسداد الأمعاء الكامل (يُمنع تماماً).
- وجود حساسية معروفة من اللاكتولوز.
- الجفاف الشديد غير المعالج.
- القيء المستمر دون تشخيص.
- بعض حالات الإسهال الحاد.
- عند القطط التي تعاني من عدم تحمل السكريات بصورة شديدة (حالات نادرة).
الآثار الجانبية المحتملة
تتضمن الآثار الجانبية للاكتولوز:
- الإسهال: وهو أشهر الآثار. إذا حدث بشكل شديد يجب تقليل الجرعة.
- الغازات وانتفاخ البطن: نتيجة تخمير الدواء من قِبل بكتيريا القولون.
- تقلصات أو انزعاج في البطن: خصوصاً في بداية العلاج.
- الجفاف ثانوي للإسهال المفرط: قد يكون خطيراً على بعض القطط، خصوصاً كبار السن.
ماذا تفعل عند ظهور الآثار الجانبية؟
- تقليل الجرعة 25–50٪.
- التأكد من توفر الماء للقطة.
- مراجعة الطبيب إذا استمر الإسهال أكثر من 24 ساعة.
نصائح مهمة قبل إعطاء اللاكتولوز للقطط وبعده
قبل الاستخدام
- تأكد من استشارة طبيب بيطري أولاً.
- عالج الجفاف إن وُجد قبل إعطاء الملينات.
- تأكد أن طعام القطة يحتوي على نسبة ماء كافية.
- قدّم للقط طعاماً رطباً لتحسين استجابة الأمعاء.
أثناء الاستخدام
- أعطِ الدواء بجرعات ثابتة وفي نفس الوقت يومياً.
- راقب عدد مرات التبرز وطبيعة البراز.
- حافظ على الماء النظيف متاحاً دائماً.
- يمكن خلط الدواء مع طعام القطة إذا رفضته.
بعد الاستخدام
- راقب القطة لعدة أيام لتقييم النتيجة.
- في حال عودة الإمساك، راجع الطبيب لتعديل الجرعة.
- لا توقف الدواء فجأة عند القطط المصابة بالقولون المتضخم دون استشارة.
الأخطاء الشائعة عند إعطاء اللاكتولوز وكيفية تجنبها
- إعطاء جرعات كبيرة دفعة واحدة: قد يؤدي إلى إسهال شديد. لذا يجب توزيع الجرعات على 2–3 مرات يومياً.
- إيقاف الدواء فور حدوث ليونة بسيطة في البراز: وتكون نتيجة ذلك عودة الإمساك خلال أيام. لذا يجب استخدامه تحت إشراف بيطري لتحقيق توازن بين اللين والصلابة.
- تجاهل شرب القطة للماء: اللاكتولوز يسحب الماء إلى القولون، ما قد يسبب الجفاف. لذا احرص على توفير ماء نظيف وتشجيع القطة على الشرب.
- استخدام اللاكتولوز دون تشخيص مسبق: قد تكون المشكلة انسداداً معوياً أو مرضاً خطيراً. لذا يجب التشخيص أولاً قبل بدء أي علاج ملين.
- خلط الدواء مع الطعام الجاف فقط: الطعام الجاف يمتص السوائل وقد يقلل فاعلية الدواء. لذا يُفضل خلطه مع طعام رطب.
تحذي مهم
لا ينبغي مطلقاً استخدام أي دواء، بما في ذلك اللاكتولوز، لعلاج القطط دون استشارة طبيب بيطري مؤهل.
الإمساك قد يكون عرضاً لمرض آخر خطير، والجرعات تختلف حسب حالة القطة الصحية، وأي خطأ بسيط في الجرعة قد يؤدي إلى مضاعفات غير مرغوبة مثل الجفاف أو الإسهال الشديد.
المصادر
- Merck Veterinary Manual
- Cornell Feline Health Center
- ASPCA Animal Poison Control Center
- Pet Poison Helpline
- Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)
تنويه طبي
تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.
حول كاتب المقال
د. أحمد محلي
طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.
أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.
شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.
بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.
هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم