تُعد امراض القطط الجلدية من المشاكل الصحية الشائعة التي تواجه القطط، وتتراوح اعراضها من التهيج البسيط إلى الالتهابات الخطيرة التي قد تؤثر على جودة حياة القطة بشكل كبير.
فهم الأسباب الكامنة وراء هذه الأمراض، والتعرف على أعراضها، واتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية المناسبة أمر بالغ الأهمية لكل مالك قطة مسؤول عنها وعن صحتها.
سنتناول في هذا المقال الشامل أبرز الأمراض الجلدية التي تصيب القطط، مع التركيز على طرق العلاج والوقاية.
محتوى المقالة
ماهي اسباب امراض القطط الجلدية الشائعة؟
تتعدد العوامل التي قد تؤدي إلى ظهور مشاكل جلدية لدى القطط، وتشمل هذه العوامل الطفيليات الخارجية، والعدوى بأنواعها (بكتيرية وفطرية)، بالإضافة إلى الحساسية بمختلف أشكالها.
فهم هذه المسببات يساعد في تحديد طريق العلاج الأكثر فعالية والتدابير الوقائية المناسبة.
الأمراض الجلدية الطفيلية
تُعتبر الطفيليات من أكثر المسببات شيوعًا للمشاكل الجلدية لدى القطط، حتى تلك التي تعيش داخل المنازل فقط. يمكن لهذه الكائنات الدقيقة أن تسبب حكة شديدة، تهيجًا، وحتى تساقط الشعر وتقرحات.
عث الأذن
إصابة القطط بـ عث الأذن (Otodectes cynotis) تُعد من أكثر الأسباب الشائعة لالتهاب الأذن الخارجية عند القطط، وخاصة الصغيرة منها. يعيش هذا الطفيلي في القناة الأذن الخارجية ويتغذى على بقايا الخلايا التالفة وسوائل الأنسجة، ما يسبب تهيجًا ميكانيكيًا للأذن وتفاعل فرط حساسية لدى بعض القطط.
أعراضه السريرية التي تظهر على القطط المصابة:
- حكة شديدة مع هز الرأس وخدش الأذن بشكل متكرر.
- وجود إفرازات بنية داكنة أو سوداء تشبه “القهوة المطحونة” في الأذن.
- التهاب الجلد حول الأذن، تساقط الشعر، وظهور تقرحات أو قشور نتيجة الحكّ.
- قد تمتد العدوى لمناطق أخرى مثل العنق، الظهر وقاعدة الذيل مسببة حكة معممة أو التهاب جلدي حطاطي قشري.
- في الحالات المزمنة قد يحدث التهاب أذن وسطى أو داخلية مؤديًا إلى ميلان الرأس أو فقدان التوازن.
علاج عث الأذن عند القطط:
- تنظيف الأذن لإزالة الشمع والأوساخ التي يُعيق فعالية العلاج.
- العلاجات الموضعية والجلدية:
- سيلامكتين (Selamectin) كقطرات موضعية على الجلد بين الكتفين، يعتبر علاج فعال وآمن.
- موكسيدكتين أو فيبرونيل كخيار بديل للسيلامكتين، حيث يمكن وضع قطرة في الأذن والباقي على الجلد لتحسين الاستجابة له.
- إيفرمكتين (Ivermectin) يمكن إعطاؤه موضعيًا في الأذن أسبوعيًا، أو بالحقن في الحالات العنيدة، لكن يجب الحذر عند استخدامه مع صغار القطط لتفادي آثاره العصبية الجانبية.
- في بعض الحالات قد يُوصى بعمل غسيل للأذن تحت التخدير لإزالة الأوساخ وتقييم سلامة طبلة الأذن.
- يجب علاج جميع الحيوانات الموجودة في المنزل لتجنب انتقال العدوى بين القطط.


الجرب
إصابة القطط بالجرب تُعد من المشاكل الجلدية الطفيلية الهامة، وتسببها أنواع مختلفة من العثّ، أهمها Notoedres cati الذي يُعد المسؤول الرئيس عن الجرب النوتويدري عند القطط، وأحيانًا قد تُصاب القطط بعثّ Sarcoptes scabiei أو أنواع أخرى من الديموديكس.
تنتقل العدوى بشكل رئيسي عن طريق التلامس المباشر مع قطة مصابة، أو من خلال البيئة الملوثة بالعث، خاصة في الأماكن المكتظة كملاجئ القطط. هذا الطفيل يحفر أنفاقًا في الطبقات السطحية من الجلد، ما يؤدي إلى تهيج شديد للجلد واستجابة التهابية قوية.
تبدأ الأعراض السريرية عادةً في الرأس، خاصة حول الأذنين والعينين والأنف، حيث يُلاحظ تساقط الشعر وتكوّن قشور سميكة رمادية أو صفراء اللون.
مع تقدم الإصابة، قد تمتد الآفات إلى الرقبة وتشمل الجسم كله. الحكة في هذه الحالة تكون شديدة جدًا وتؤدي إلى خدوش، تقرحات، وعدوى بكتيرية ثانوية.
في الحالات المزمنة، قد يظهر ثخانة في الجلد وفرط تصبغ. بعض القطط تُظهر اعراض عامة مثل فقدان الوزن، ضعف الشهية، أو القلق المستمر بسبب الحكة.
من السمات المهمة للجرب أنه شديد العدوى ويمكن أن ينتقل إلى القطط الأخرى، الكلاب، وحتى إلى الإنسان (مسببًا طفحًا جلديًا عابرًا).
تتضمن معالجات الجرب استخدام مضادات الطفيليات الموضعية والجهازية:
- الإيفرمكتين (Ivermectin): يُعطى فمويًا أو حقنًا تحت الجلد، لكنه يُستخدم بحذر في القطط الصغيرة أو الضعيفة (له آثار عصبية).
- الميلبيمايسين (Milbemycin oxime) والسيلامكتين (Selamectin): فعّالة وآمنة وتُطبق موضعيًا على الجلد.
- الموكسيدكتين والفلويرالانر (Fluralaner): من العلاجات الحديثة طويلة المفعول وتُستخدم كقطرات جلدية.
يُنصح كذلك بعلاج جميع القطط في المنزل أو المكان نفسه للسيطرة على العدوى وتنظيف البيئة المحيطة بالقطط (غسل البطانيات، الفُرش، وتطهير الأماكن) لتجنب تكرار الإصابة.
التهاب الجلد الناجم عن البراغيث


تُسبب براغيث القطط أذى مباشرًا وغير مباشر لها. إذ تعيش البراغيث (خصوصًا Ctenocephalides felis) على جلد القطة وتتغذى بامتصاص دمها، مما يؤدي إلى تهيج وحكة شديدة، وقد تسبب فقدان دم ملحوظ في الحالات الشديدة خصوصًا عند القطط الصغيرة أو الضعيفة.
تكمن خطورة البراغيث أيضًا في كونها ناقلًا لأمراض أخرى مثل الدودة الشريطية (Dipylidium caninum)، وبعض البكتيريا مثل Bartonella henselae.
أسباب الاصابة بالبراغيث ترتبط غالبًا بالتعرض للبيئة الملوثة أو الاحتكاك بحيوانات مصابة، حيث تضع البراغيث بيضها في الفراش والسجاد والشقوق. البيض واليرقات يمكن أن تظل كامنة في البيئة لفترات طويلة، مما يؤدي إلى تكرار العدوى حتى بعد العلاج إذا لم يتم التعامل مع البيئة بشكل صحيح.
تتضمن الأعراض السريرية: الحكة المفرطة، الخدش المتكرر، وهز الرأس أو العض المستمر لمناطق معينة من الجسم.
قد تُلاحظ مناطق صلع صغيرة مع قشور سطحية أو التهاب جلدي يُعرف باسم التهاب الجلد التحسسي للبراغيث (Flea Allergy Dermatitis, FAD)، وهو تفاعل فرط حساسية للعاب البرغوث، ويُعد السبب الأكثر شيوعًا لالتهاب الجلد الحطاطي القشري (Miliary dermatitis) في القطط.
كما يمكن أن تؤدي الإصابة المزمنة إلى تقرحات، فرط تصبغ، أو عدوى جلدية بكتيرية ثانوية. في الحالات الشديدة قد يحدث فقر دم بسبب فقدان الدم المستمر، خاصة في القطط الصغيرة (Mite Infestation (Mange, Acariasis, Scabies) of Cats).
يتطلب علاج براغيث القطط استراتيجية مكافحة متكاملة تشمل القطة والبيئة المحيطة. إذ تتوفر العديد من المنتجات الحديثة الفعالة مثل السيلامكتين (Selamectin) والفلويرالانر (Fluralaner) والإيميداكلوبريد (Imidacloprid) والفبرونيل (Fipronil)، والتي تُستخدم كعلاجات موضعية أو أقراص فموية طويلة المفعول. بعض الأدوية مثل لوفنورون (Lufenuron) تعمل كمثبط لنمو الحشرة وتمنع تطور بيوضها.
من المهم معالجة جميع الحيوانات في المنزل في الوقت نفسه لتفادي إعادة العدوى. كما يُوصى بتنظيف البيئة المحيطة جيدًا من خلال غسل أغطية الأسرة والبطانيات بالماء الساخن، واستخدام المكانس الكهربائية بشكل متكرر، وأحيانًا قد يُنصح باستخدام بخاخات خاصة لمكافحة البراغيث في البيئة.
للمزيد من المعلومات لوقاية قططكم من الاصابة بهذا الطفيلي المزعج، يمكنكم الإضطلاع على مقالنا “كيفية الوقاية من براغيث القطط: نصائح وإرشادات“.
الديموديكوسيس (Demodex spp)
إصابة القطط بالديموديكوسيس (Demodex spp) تُعتبر من الأمراض الجلدية الطفيلية الأقل الشائعة عند القطط مقارنة بالكلاب، لكنها قد تظهر عند القطط في ظروف معينة خاصة عندما تتأثر مناعتها.
هناك نوعان أساسيان يسببان المرض في القطط: Demodex cati وهو الطفيلي المستوطن في جريبات الشعر والغدد الدهنية وغالبًا لا يُسبب أعراضًا إلا في حال ضعف الجهاز المناعي (كما في حالات فيروس نقص المناعة القططي FIV أو فرط نشاط الغدة الدرقية أو السكري)، وDemodex gatoi الذي يختلف في كونه سطحيًا ومعْديًا بين القطط، وهو غالبًا مسؤول عن حالات الحكة.
الأعراض السريرية:
- ديموديكس كاتي (D. cati): غالبًا يُسبب تساقطًا متناظرًا للشعر، مناطق صلع مع قشور خفيفة، وقد يُشاهد على الرأس، العنق أو الجسم. في بعض الحالات قد يتطور إلى التهاب جلدي مزمن مع إفرازات دهنية وعدوى ثانوية.
- ديموديكس جاتوي (D. gatoi): يسبب حكة شديدة مع لعق مفرط، خدوش، قشور منتشرة، وتساقط شعر ملحوظ. القطط المصابة قد تبدو قلقة وغير مرتاحة، ويُلاحظ التهاب الجلد الحطاطي القشري أو قشور سطحية معممة.
- يمكن أن تظهر إصابات مشتركة بالأنواع الأخرى من الطفيليات أو الفطريات مما يُعقد التشخيص.
المعالجة:
- D. cati: معالجة المرض الأساسي الداعم (مثل ضبط أمراض المناعة أو الهرمونات) أساسية. يُستخدم الإيفرمكتين (Ivermectin) أو الميلبيمايسين عن طريق الفم، كما أظهرت بعض العلاجات الموضعية مثل موكسيدكتين أو إيميداكلوبريد أو سيلامكتين فعالية في بعض الحالات.
- D. gatoi: نظرًا لأنه مُعدٍ، يجب معالجة جميع القطط في المنزل. العلاجات الموضعية مثل ليم ديب (Lime sulfur dips) مرتين أسبوعيًا تُعد فعالة، إلى جانب استخدام سيلامكتين أو موكسيدكتين أو إيميداكلوبريد.
- يُوصى بالعلاج الداعم مثل المضادات الحيوية الموضعية أو الجهازية إذا وُجدت عدوى ثانوية، مع تحسين النظام الغذائي للقطط وتقليل عوامل الإجهاد.
الأمراض الجلدية الفطرية
تُعد العدوى الفطرية والبكتيرية من الأسباب الرئيسية للأمراض الجلدية في القطط، وقد تنشأ هذه العدوى غالبًا في المناطق الدافئة والرطبة أو نتيجة لضعف الجهاز المناعي.
القوباء الحلقية
القوباء الحلقية (Dermatophytosis) من الأمراض الجلدية الفطرية الشائعة، وتُعد القطط أحد أهم المستودعات لهذا المرض، خصوصًا عند القطط الصغيرة والقطط ذات المناعة الضعيفة.
أكثر الفطريات المسببة لهذه الحالة شيوعًا هو Microsporum canis، وهو فطر معدٍ لدرجة عالية، ينتقل بسهولة بين القطط عن طريق التلامس المباشر أو غير المباشر عبر أدوات العناية أو الفراش الملوث. كما يمكن أن يصيب الإنسان، مما يجعله مرضًا ذا أهمية بيطرية وصحية عامة للقطط والانسان على حد سواء.
الأعراض السريرية:
الآفات الجلدية غالبًا ما تكون على شكل بقع دائرية خالية من الشعر، ذات حدود واضحة، مع قشور سطحية أو احمرار بسيط. قد تتوسع هذه البقع أو تتعدد لتشمل الرأس، الأذنين، الأطراف، وأحيانًا الجسم بأكمله. بعض القطط قد تحمل الفطر دون ظهور أعراض عليها، فتعمل كحامل صامت للعدوى.
الحالات الشديدة قد تترافق مع التهاب جلدي منتشر، قشور كثيفة، أو ما يُعرف بـ “pseudomycetoma” تحت الجلد. الحكة قد تكون خفيفة إلى متوسطة لكنها ليست دائمًا واضحة كما في الحالات الطفيلية.
علاج القوباء الحلقية عند القطط:
- المعالجة الموضعية: مثل غسول أو مراهم مضادة للفطريات (كلورهيكسيدين-ميكونازول، إينيلكونازول، لايم ديب) لتقليل العدوى البيئية.
- المعالجة الجهازية: ضرورية في الحالات المنتشرة أو المزمنة، وتشمل إيتراكونازول (Itraconazole) كخيار أول، وأحيانًا غريزوفولفين (Griseofulvin) أو تيربينافين (Terbinafine) مع مراقبة وظائف الكبد.
- السيطرة البيئية: جزء أساسي من العلاج، وذلك بتنظيف المنزل بانتظام، التخلص من الشعر الملوث، واستخدام مطهرات فعالة ضد الأبواغ (مثل هيبوكلوريت الصوديوم المخفف).
- يجب علاج جميع القطط في البيئة نفسها عند الضرورة، خاصة في الملاجئ، لتجنب استمرار دورة العدوى.
للمزيد حول علاج القوباء الحلقية عند القطط “السعفة”. يمنك الإضطلاع على مقالنا “علاج القوباء الحلقية (السعفة) عند القطط: العلاجات الدوائية والمنزلية“.
الفطريات الجهازية الجلدية
إصابة القطط بالفطريات الجهازية الجلدية تُعد من الحالات المرضية المهمة أيضاً عند الحديث عن امراض القطط الجلدية، وإن كانت أقل شيوعًا من الفطريات السطحية مثل القوباء الحلقية.
من أبرز هذه الفطريات Sporothrix schenckii وCryptococcus neoformans، وكلاهما يُمكن أن يُسبب مرضًا جهازيًا تظهر اعراصه بشكل أساسي بآفات جلدية.
تُعتبر القطط حساسة لهذه العدوى، وغالبًا ما تُظهر علامات سريرية واضحة مقارنة بالكلاب، كما أن بعضها يُمثل خطرًا صحيًا عامًا على الإنسان نتيجة قدرتها على الانتقال (خاصة داء البُوَيغات – Sporotrichosis).
أعراض الفطريات الجهازية الجلدية السريرية عند القطط:
- Sporotrichosis: تتظاهر بآفات جلدية عقيدية أو قرحية غير ملتئمة، غالبًا على الوجه والأطراف. قد تنتشر عبر الجهاز اللمفي مُحدثة عقيدات متعددة، وتتميز القطط بوجود عدد كبير من الخلايا الفطرية في الآفات الجلدية مما يزيد خطر العدوى للإنسان.
- Cryptococcosis: غالبًا ما تبدأ بإصابة الجهاز التنفسي (التهاب أنف مزمن، إفرازات أنفية دموية أو مخاطية)، ثم تمتد لتشمل الجلد والوجه مع عقيدات أو أورام تحت الجلد قد تتقرح. قد يصيب الجهاز العصبي المركزي مسببًا أعراضًا عصبية (اختلاجات، تغير سلوكي، فقدان توازن).
علاجات الفطريات الجهازية الجلدية عند القطط:
- Sporotrichosis: يُعالج بمضادات الفطريات الجهازية مثل إيتراكونازول (Itraconazole) كخيار أول، وقد يُستخدم كيتوكونازول أو تيربينافين في بعض الحالات. يستمر العلاج لأسابيع إلى أشهر حتى اختفاء الآفات.
- Cryptococcosis: يتطلب علاجًا طويل الأمد باستخدام فلوكونازول (Fluconazole) أو إيتراكونازول، وفي الحالات الشديدة يمكن اللجوء إلى أمفوتيريسين B (Amphotericin B) بالاشتراك مع فلوكيتوزين (Flucytosine).
- يُوصى بدعم القطة غذائيًا ومعالجة أي مرض أساسي مرافق.
- السيطرة البيئية ضرورية، خاصة في حالات السبوروتريكوز، حيث يجب الحذر من انتقال العدوى إلى البشر من خلال ملامسة الآفات.
الأمراض البكتيرية
غالبًا ما تحدث العدوى البكتيرية كعدوى ثانوية ناتجة عن جروح، قروح، أو حكة مفرطة تسببها الطفيليات أو الحساسية. يمكن أن تظهر على شكل تقرحات، احمرار، وتورم. المناطق الدافئة والرطبة في طيات الجلد هي بيئة مثالية لنمو البكتيريا. الخراجات، على سبيل المثال، هي عدوى بكتيرية عميقة تحت الجلد تظهر كتورمات مؤلمة.
الخراجات الناتجة عن عضات القطط
إصابة القطط بالخراجات الناتجة عن العضّات تُعتبر من امراض القطط الجلدية الشائعة، خصوصًا عند القطط التي تعيش في مجموعات أو تخرج إلى الخارج حيث تكثر معاركها مع القطط الأخرى على الطعام أو مناطق النفوذ والإقليم (تصرف غريزي).
تنشأ هذه الخراجات عادة نتيجة جروح ثاقبة عميقة تحدث بأسنان القطط الحادة، ما يُدخل البكتيريا الموجودة طبيعيًا في الفم (مثل Pasteurella multocida, Staphylococcus وStreptococcus) إلى الأنسجة تحت الجلد.
هذه الجروح الصغيرة قد تُغلق سريعًا من الخارج (التئام الجلد) بينما تبقى العدوى محصورة في الداخل، مما يؤدي إلى تكوّن جيب مليء بالصديد.
الأعراض السريرية المرافقة لعضات القطط:
يظهر الخراج عادة على شكل كتلة متورمة مؤلمة تحت الجلد، غالبًا في منطقة الرأس، الرقبة، الأطراف الخلفية أو قاعدة الذيل.
في البداية تكون المنطقة حارة ومتورمة، ثم تتحول إلى انتفاخ مليء بالصديد قد يتمزق ليخرج إفراز قيحي كريه الرائحة.
قد تُعاني القطة من حمى، فقدان شهية، خمول وألم واضح عند لمس المنطقة. في بعض الحالات، إذا لم يُعالج الخراج قد يتطور الخراج إلى تسمم دموي أو ناسور مزمن.
علاج الخراجات الناتجة عن عضات القطط:
- الفتح والتصريف: يُعد الخطوة الأهم، حيث يُفتح الخراج جراحيًا ويُزال الصديد منه، مع تنظيف الجرح بمحاليل مطهرة (مثل محلول ملحي مع كلورهيكسيدين). أحيانًا يوضع أنبوب تصريف مؤقت لمنع إعادة امتلاء الجيب.
- المضادات الحيوية: تُستخدم لمكافحة العدوى البكتيرية، وأشهرها الأموكسيسيلين مع حمض الكلافولانيك، أو الكليندامايسين، حسب حساسية البكتيريا للمضاد الحيوي.
- مسكنات الألم ومضادات الالتهاب: لتخفيف الألم وراحة القطة.
- العناية المنزلية: يشمل تنظيف الجرح بانتظام ومراقبة التئام الجلد، ومنع القطة من الحك أو لعق المنطقة.
- الوقاية: الخصي يقلل من السلوك العدواني، كما أن إبقاء القطط داخل المنزل يقلل من خطر العراك والعضات.
التهابات الجلد القيحية
التهابات الجلد القيحية (Pyoderma) عند القطط تُعد من امراض القطط الجلدية الثانوية الشائعة، وتنشأ عادةً نتيجة نمو بكتيري مفرط على الجلد المتضرر أو الذي تعرض للحط المفرط.
أكثر العوامل المسببة شيوعًا هي المكورات العنقودية Staphylococcus intermedius وأنواع أخرى من المكورات العنقودية، التي تستغل ضعف الحاجز الجلدي أو وجود جرح لتتضاعف مسببة عدوى نشطة.
غالبًا ما تكون التهابات الجلد القيحية حالات ثانوية لمشاكل أخرى مثل الطفيليات (البراغيث، الجرب)، الفطريات (القوباء الحلقية)، أو الأمراض التحسسية (التهاب الجلد التحسسي للبراغيث، الحساسية الغذائية).
كما أن الخدش المستمر والحكة تُحدث جروحًا سطحية تُسهل دخول البكتيريا. ضعف المناعة، سوء التغذية، أو الأمراض المزمنة مثل السكري وفيروس نقص المناعة القططي تزيد من قابلية القطة للإصابة.
الأعراض السريرية:
- ظهور حطاطات وبثور مملوءة بالصديد على الجلد.
- تقرحات سطحية مغطاة بقشور صفراء أو بنية، مع تساقط الشعر الموضعي.
- احمرار والتهاب في الجلد المصاب، مع ألم عند اللمس.
- في الحالات الشديدة قد تتطور إلى خراجات صغيرة أو قرحات عميقة.
- الحكة والخدش المفرط يؤديان إلى انتشار العدوى لمناطق أخرى.
- بعض القطط قد تُظهر أعراضًا عامة مثل فقدان الشهية أو الخمول عند وجود التهاب واسع.
معالجات التهابات الجلد القيحية عند القطط:
- العلاج بالمضادات الحيوية: هو الأساس في العلاج، ويُعطى لمدة لا تقل عن 3–4 أسابيع، وأحيانًا أطول حسب شدة الحالة. الأموكسيسيلين مع حمض الكلافولانيك أو الكليندامايسين من الأدوية شائعة الاستخدام.
- العلاجات الموضعية: مثل الغسولات أو الشامبوهات المحتوية على كلورهيكسيدين أو بيروكسيد البنزويل للمساعدة في تقليل الحمل البكتيري ودعم الشفاء.
- علاج السبب الأساسي: خطوة أساسية، فإذا كان السبب براغيث أو حساسية يجب السيطرة عليها، وإذا كان فطرًا فيجب علاجه بمضادات الفطريات.
- الرعاية الداعمة: تشمل منع القطة من لعق أو خدش المنطقة باستخدام أطواق حماية، وتحسين التغذية والدعم المناعي.
الأمراض التحسسية
التهاب الجلد التحسسي للبراغيث
التهاب الجلد التحسسي للبراغيث (Flea Allergy Dermatitis – FAD) يُعد من أكثر امراض القطط الجلدية التحسسية شيوعًا عند القطط، ويحدث نتيجة تفاعل فرط حساسية تجاه مكونات لعاب البرغوث أثناء التغذية على دم القطة.
يكفي في بعض الحالات تعرض القطة للدغة واحدة أو اثنتين فقط لإحداث استجابة تحسسية شديدة، وهو ما يفسر شدة الأعراض حتى عند وجود إصابة طفيفة بالبراغيث. هذا المرض يُلاحظ بشكل خاص عند القطط التي تعيش في بيئات موبوءة بالبراغيث أو التي لا تتلقى برنامجًا منتظمًا للوقاية من الطفيليات.
الأعراض السريرية:
- حكة شديدة تؤدي إلى خدوش متكررة ولعق مفرط خاصة في المنطقة القطنية العجزية، البطن، والأطراف الخلفية.
- ظهور حطاطات صغيرة وقشور سطحية، تُعرف بالتهاب الجلد الحطاطي القشري (Miliary dermatitis)، وهي من العلامات الكلاسيكية للـ التهاب الجلد التحسسي للبراغيث في القطط.
- تساقط الشعر الموضعي (Alopecia) نتيجة الخدش واللعق المستمر.
- قد تتطور الإصابة إلى التهابات جلدية ثانوية (بكتيرية أو فطرية) مع إفرازات وقشور كثيفة.
- بعض القطط تظهر عليها علامات سلوكية كالعصبية أو القلق المستمر بسبب الحكة.
المعالجات:
- مكافحة البراغيث: الركيزة الأساسية، باستخدام أدوية فعالة مثل سيلامكتين (Selamectin)، فلويرالانر (Fluralaner)، إيميداكلوبريد (Imidacloprid) أو فبرونيل (Fipronil). يجب معالجة جميع الحيوانات في المنزل في وقت واحد.
- المكافحة البيئية للبراغيث: تنظيف الفراش والسجاد، واستخدام مكانس كهربائية وبخاخات أو مطهرات لقتل البيوض واليرقات.
- العلاج الداعم: يشمل مضادات الحكة مثل مضادات الهيستامين أو الكورتيكوستيرويدات قصيرة المدى لتخفيف الالتهاب. كما يمكن استخدام المضادات الحيوية أو مضادات الفطريات عند وجود عدوى ثانوية.
- الوقاية طويلة الأمد: تطبيق برنامج وقائي شهري مستمر يقي من تكرار الحالة ويحافظ على راحة القطة.
حساسية القطط للطعام
تُعد حساسية الطعام (Food Allergy) من أكثر أسباب امراض القطط الجلدية المزمنة شيوعًا في القطط، حيث تظهر غالبًا على شكل حكة شديدة، تساقط للشعر، التهابات جلدية متكررة أو تقرحات مزمنة حول الرأس، الرقبة، والبطن.
آلية حدوث المرض تتعلق بفرط استجابة الجهاز المناعي للقطط لبروتينات طعام شائعة مثل لحوم الدجاج، السمك، الألبان أو الحبوب.
الخطوة العلاجية الأولى والرئيسية هي التشخيص الغذائي عبر الحمية الاستبعادية (Elimination Diet Trial)، حيث يتم تقديم غذاء يعتمد على بروتين جديد لم يسبق للقط تناولُه (مثل لحم البط أو الأرنب)، أو على بروتين محلل (Hydrolyzed protein diet) بحيث تكون جزيئات البروتين صغيرة جدًا فلا يتعرف عليها الجهاز المناعي.
تستمر هذه المرحلة عادةً من 8 إلى 12 أسبوعًا، ويُمنع خلالها إعطاء أي مكملات غذائية أو وجبات خارجية لتجنب إفساد الاختبار.
في حال تحسنت الأعراض الجلدية بشكل ملحوظ أثناء الحمية، يتم إعادة تقديم الغذاء المشتبه به (Food Challenge) للتأكد من عودة الأعراض وبالتالي إثبات التشخيص. العلاج طويل المدى يعتمد على تغذية القط بحمية علاجية خاصة خالية من المواد المسببة للحساسية.
كما يمكن في بعض الحالات استخدام مضادات الحكة مثل الأدوية المناعية (Ciclosporin) أو مضادات الهيستامين أو الستيرويدات لفترات قصيرة للسيطرة على الأعراض الحادة، لكن يظل العلاج الغذائي هو الركيزة الأساسية.
من المهم أيضًا معالجة المضاعفات الثانوية مثل التهابات الجلد البكتيرية أو الفطرية باستخدام المضادات المناسبة تحت إشراف الطبيب البيطري. ويُنصح أصحاب القطط بالمراقبة الدقيقة لأي علامات انتكاس عند إدخال أطعمة جديدة، إضافةً إلى الالتزام بالمتابعة الدورية.
نجاح العلاج يعتمد بدرجة كبيرة على التزام المربي بالحمية الصارمة، لأن أي تساهل في تقديم وجبات غير مناسبة قد يؤدي إلى عودة الحكة والالتهابات.
بهذا يُعتبر التدبير الغذائي المحدد هو الأكثر فعالية وأمانًا في السيطرة على حساسية الطعام الجلدية في القطط على المدى الطويل.
التهاب الجلد التأتبي
يُعتبر التهاب الجلد التأتبي (Atopy) أحد أهم امراض القطط الجلدية المزمنة في القطط، وينتج عادةً عن فرط تحسس الجهاز المناعي تجاه مواد بيئية شائعة مثل غبار المنزل، حبوب اللقاح، أو العث. يتميز المرض بحكة شديدة متكررة تؤدي إلى خدوش جلدية، تساقط الشعر، والتهابات ثانوية بكتيرية أو فطرية. ويُشخص غالبًا بالاستبعاد بعد نفي الاصابة بالطفيليات الجلدية وحساسية الطعام.
العلاج يرتكز على إدارة طويلة المدى تهدف إلى تقليل الأعراض وتحسين جودة حياة القط. من أهم الأساليب العلاجية:
- تجنب المواد المثيرة قدر الإمكان، مثل تقليل الغبار وتنظيف البيئة بانتظام.
- العلاج الدوائي: يُستخدم السيكلوسبورين (Ciclosporin A) كخيار فعال وآمن نسبيًا للقطط المصابة، حيث يقلل من نشاط الجهاز المناعي ويحد من الحكة. يمكن أيضًا استخدام الستيرويدات (Corticosteroids) بجرعات قصيرة للسيطرة على النوبات الحادة، لكن يُفضل تجنبها على المدى الطويل بسبب آثارها الجانبية.
- مضادات الهيستامين قد تُعطي فائدة جزئية في بعض الحالات، لكنها أقل فعالية من الأدوية المناعية.
- المكملات الداعمة مثل الأحماض الدهنية الأساسية (Omega-3 و Omega-6) التي تحسن صحة الجلد وتقلل من شدة الالتهاب.
- العلاج المناعي (Immunotherapy) عبر إعطاء مستحضرات مخصصة من مسببات الحساسية بعد تحديدها بالاختبارات الجلدية أو المصلية، ويُعد من الطرق الحديثة التي تمنح تحسنًا طويل الأمد لبعض القطط.
- معالجة المضاعفات الثانوية مثل الالتهابات البكتيرية أو الفطرية بمضادات مناسبة.
نجاح العلاج يعتمد بشكل كبير على التزام المربي بالخطط العلاجية طويلة الأمد، مع المتابعة الدورية عند الطبيب البيطري لتعديل الجرعات أو تغيير البروتوكول حسب استجابة القط.
على الرغم من أن المرض لا يُشفى بشكل نهائي، إلا أن الإدارة الطبية السليمة تُمكّن القطط من العيش بشكل مريح مع سيطرة مقبولة على الأعراض الجلدية.
التهاب الجلد الحطاطي القشري
التهاب الجلد الحطاطي القشري في القطط (Miliary dermatitis) يُعَدّ من أكثر أنماط التفاعل الجلدي شيوعًا، ويُعرَف بأنه متلازمة جلدية تنتج عن عدة أسباب منها الطفيليات (مثل البراغيث)، الحساسية الغذائية أو البيئية، إضافة إلى بعض الالتهابات الفطرية أو البكتيرية الثانوية.
يتميز هذا المرض بظهور بثور صغيرة حبيبية الشكل مغطاة بقشور منتشرة غالبًا على الظهر، الرقبة، وقاعدة الذيل.
أهم علامة سريرية لهذا الغلتهاب هي الحكة الشديدة التي تدفع القط إلى خدش نفسها بشكل مفرط أو العض، مما يؤدي إلى تساقط الشعر وظهور مناطق ملتهبة أو متقرحة.
قد يُلاحظ المربي وجود حبوب صغيرة عند تمرير اليد على ظهر القط، بالإضافة إلى احمرار الجلد، تساقط الفرو في أماكن متفرقة، وأحيانًا قشور تشبه قشرة الرأس.
في بعض الحالات، قد تحدث اصابة ثانوية بالتهابات بكتيرية تزيد من شدة الأعراض وتؤدي إلى رائحة كريهة أو إفرازات جلدية.
تتضمن معالجة التهاب الجلد الحطاطي القشري عند القطط القضاء على العامل المسبب في المقام الأول:
- في حال ملاحظة وجود براغيث، يجب استخدام مضادات الطفيليات الموضعية أو الجهازية بانتظام.
- إذا كان السبب حساسية غذائية، يتم اللجوء إلى حمية إقصائية خاصة للتأكد من المحسس الغذائي.
- كما يمكن استخدام مضادات الهيستامين أو الكورتيكوستيرويدات بجرعات مضبوطة لتخفيف الحكة والسيطرة على الالتهاب.
- في حال وجود عدوى ثانوية بكتيرية أو فطرية، يُوصَف مضاد حيوي أو مضاد فطري مناسب بناءً على الفحوصات.
- أحيانًا قد يُستخدم العلاج الموضعي مثل الشامبوهات الطبية أو الكريمات لتقليل الأعراض الموضعية.
المركب الحبيبي اليوزيني (EGC)
المركب الحبيبي اليوزيني في القطط (Eosinophilic granuloma complex – EGC) هو متلازمة جلدية – فموية شائعة نسبيًا، تتصف بوجود آفات التهابية ناتجة عن فرط استجابة مناعية مع تراكم ملحوظ للخلايا اليوزينية.
تشمل هذه المتلازمة ثلاثة أنماط رئيسية: القرحة اليوزينية (Eosinophilic ulcer)، اللويحة اليوزينية (Eosinophilic plaque)، والحبيبة اليوزينية (Eosinophilic granuloma).
الأعراض السريرية تختلف باختلاف النمط. في حالة القرحة اليوزينية، تُشاهد غالبًا على الشفة العلوية أو الفم، وتبدو كقرحة بيضاوية الشكل غير مؤلمة عادة لكنها مزمنة.
أما اللويحة اليوزينية فتمثل آفة جلدية مرتفعة مغطاة بإفرازات، شديدة الحكة، وتظهر بكثرة على البطن، الفخذين أو الرقبة.
الحبيبة اليوزينية بدورها تتجلى بعقيدات أو خطوط متصلبة على الفخذين، وسطح الفم (اللثة أو الحنك)، وأحيانًا على الكفوف أو الذقن.
جميع هذه الأشكال قد ترافقها حكة، التهاب موضعي، تساقط شعر، أو قرح ثانوية نتيجة الحكّ والعض المستمر.
تهدف المعالجة إلى السيطرة على السبب المحرِّض وعلى الالتهاب المناعي. يتمثل الخط الأول في مكافحة البراغيث بشكل صارم، مع اللجوء إلى الحميات الإقصائية إذا شُكّ في التحسس الغذائي.
تستخدم الكورتيكوستيرويدات الجهازية (مثل البريدنيزولون) على نطاق واسع لتقليل الالتهاب والسيطرة على الآفات، وقد يُستخدم السيكلوسبورين كبديل في الحالات المزمنة أو المقاومة. أما العدوى الثانوية فتعالج بالمضادات الحيوية أو مضادات الفطريات عند الحاجة.
الأمراض الفيروسية
فيروس جدري القطط
فيروس جدري القطط (Feline orthopoxvirus) والذي يُعرف غالبًا باسم فيروس الكاو بوكس (Cowpox virus) يُعَدّ من الفيروسات النادرة نسبيًا في القطط، لكنه يتميز بقدراته على إحداث آفات جلدية مميزة قد تتطور بسرعة إلى التهابات واسعة.
تنتقل العدوى في الغالب عن طريق التماس المباشر مع القوارض البرية، حيث تُعتبر المستودع الطبيعي للفيروس، أو عبر عضّات الحيوانات المصابة.
تبدأ الإصابة عادة بظهور عقدة جلدية صغيرة حمراء أو متورمة، غالبًا في الرأس أو الأطراف حيث يحدث التماس الأولي. هذه العقدة قد تتقرح خلال أيام لتتحول إلى قرحة واسعة مغطاة بقشرة سوداء (eschar).
مع انتشار العدوى، قد تتعدد الآفات لتشمل مناطق مختلفة من الجسم، وغالبًا ما تكون مصحوبة بانتفاخ موضعي، تساقط شعر، واحمرار شديد.
بعض القطط تُظهر أيضًا آفات نخرية مؤلمة في الفم أو حول الأنف والعينين. العلامات الجهازية المصاحبة تشمل الحمى، فقدان الشهية، الخمول، وفي الحالات الشديدة قد يحدث التهاب رئوي فيروسي يؤدي إلى صعوبة تنفس ومعدل نفوق مرتفع.
لا يوجد علاج مضاد فيروسي نوعي لجدري القطط، لذا يتركز التدبير على العلاج الداعم. يتضمن ذلك تنظيف الآفات الجلدية، واستخدام المضادات الحيوية للسيطرة على العدوى البكتيرية الثانوية، إضافة إلى إعطاء السوائل الوريدية في الحالات الشديدة.
يمكن استخدام المسكنات لتقليل الألم وتحسين راحة الحيوان. بعض التقارير أشارت إلى إمكانية استخدام أدوية مضادة للفيروسات مثل فامسيكلوفير (Famciclovir)، لكن فعاليتها لا تزال محدودة. العزل ضروري نظرًا لقدرة الفيروس على إصابة الإنسان (مرض حيواني المنشأ).
إصابة القطط بفيروس جدري القطط تُعتبر حالة خطيرة خاصة إذا رافقها مرض رئوي، ويعتمد الإنذار على شدة الإصابة واستجابة الحيوان للعلاج الداعم. التشخيص المبكر والعزل السريع وتقديم رعاية داعمة شاملة تُعد خطوات أساسية للسيطرة على العدوى والحد من انتشارها.
الهربس الفيروسي القططي
الهربس الفيروسي القططي (Feline herpesvirus-1 – FHV-1) يُعد من أهم مسببات أمراض الجهاز التنفسي العلوي عند القطط، لكنه قد يظهر أيضًا بأعراض جلدية مميزة.
يتميز الفيروس بقدرته على البقاء كامنًا في جسم القطط بعد العدوى الأولية، ويُعاد تنشيطه في حالات التوتر أو ضعف المناعة عند القطط، مما يفسر تكرار الأعراض عند بعض القطط.
الأعراض الجلدية المرتبطة بـ FHV-1 تُعرف غالبًا باسم (herpetic dermatitis). تظهر هذه الآفات عادةً على الوجه، خصوصًا حول الأنف والعينين، وأحيانًا على الأطراف أو الجذع.
العلامات تتضمن تقرحات جلدية سطحية، احمرار شديد، إفرازات مصلية أو قيحية، مع قشور ملتصقة. قد تكون هذه التقرحات مؤلمة وتؤدي إلى حكة أو انزعاج واضح.
في بعض الحالات، يُلاحظ تورط الأنف الخارجي مع تشقق وجفاف أو تشوهات في سطح الأنف.
من العلامات الأخرى المصاحبة: إفرازات أنفية وعينية، التهاب ملتحمة، وقرحات قرنية نتيجة العدوى الأولية أو المتكررة.
المعالجة تركز على تخفيف الأعراض وتقليل تكرار النوبات. من أهم الخطوات:
- استخدام مضادات الفيروسات مثل الفامسيكلوفير (Famciclovir) وهو الأكثر فعالية وأمانًا للقطط.
- تطبيق مضادات حيوية موضعية أو جهازية عند وجود عدوى بكتيرية ثانوية.
- الاستعانة بالمضادات الالتهابية غير الستيرويدية لتخفيف الألم والانزعاج، مع تجنب الكورتيكوستيرويدات الموضعية التي قد تُفاقم القرحة أو الالتهاب.
- دعم جهاز المناعة باستخدام مكملات مثل L-lysine التي قد تقلل من نشاط الفيروس.
- الحفاظ على بيئة خالية من التوتر، إذ أن الضغط النفسي يُعد من أبرز العوامل المحفزة لعودة نشاط الفيروس.
إجمالًا، الهربس الفيروسي القططي المسبب للالتهابات الجلدية يُمثل تحديًا علاجيًا بسبب طبيعته المزمنة وانتكاسته المتكررة، لكن السيطرة عليه ممكنة عبر التشخيص المبكر، العلاج المناسب، والتقليل من العوامل المحفزة لعودة المرض.
الأمراض المناعية
الفقاع
الفقاع foliaceus عند القطط يُعدّ من أهم أمراض المناعة الذاتية الجلدية، حيث يهاجم الجهاز المناعي مكونات الروابط بين الخلايا الكيراتينية (desmosomes)، مما يؤدي إلى فقدان تماسك البشرة وظهور بثور وقشور واسعة الانتشار. تُعدّ هذه الحالة الأكثر شيوعًا بين أمراض الفقاع في القطط، وغالبًا ما تُصيب القطط البالغة منها.
الأعراض السريرية تبدأ عادة بظهور بثرات سطحية تتحول سريعًا إلى قشور وجلبات، وغالبًا ما تُلاحظ على الوجه (خاصة حول الأنف، الأذن، والجفون) وكذلك على وسائد القدمين حيث قد يحدث تشقق أو نزف.
من السمات المميزة أيضًا وجود قشور صفراء بنية ملتصقة على الرأس والأذنين مع تساقط الشعر في المناطق المصابة.
قد تمتد الآفات لتشمل جذع الجسم أو المنطقة التناسلية. إضافة إلى العلامات الجلدية، قد يُعاني بعض القطط من خمول، فقدان شهية، وحمى متقطعة نتيجة الالتهاب الجهازي المصاحب.
المعالجة تعتمد بشكل أساسي على العلاج المثبط للمناعة. يُعتبر البريدنيزولون (Prednisolone) الدواء الأول، ويُعطى بجرعات عالية للتحكم في الأعراض، ثم تُخفض الجرعة تدريجيًا للحفاظ على الاستجابة.
في الحالات المقاومة أو الشديدة، قد يُستخدم مزيج من البريدنيزولون مع أدوية أخرى مثل الكلورامبيوسيل (Chlorambucil) أو السيكلوسبورين (Cyclosporine).
في بعض الحالات الخفيفة أو الاولية، يمكن تجربة مزيج التتراسيكلين مع النياسيناميد كمثبط مناعي معتدل. أما العدوى الثانوية الناتجة عن تقرحات الجلد فيجب علاجها بالمضادات الحيوية المناسبة.
الذئبة الحمامية
الذئبة الحمامية (Lupus erythematosus) من أمراض المناعة الذاتية النادرة نسبيًا في القطط، لكنها قد تُسبب إصابات جلدية مميزة.
تنقسم إلى نوعين رئيسيين: الذئبة الحمامية الجهازية (Systemic lupus erythematosus – SLE) التي تؤثر في أعضاء متعددة، والذئبة الحمامية القرصية (Discoid lupus erythematosus – DLE) التي تقتصر غالبًا على الجلد. في القطط، غالبًا ما تُشاهد التظاهرات الجلدية بشكل بارز مع احتمالية ترافقها باضطرابات جهازية.
الأعراض الجلدية تتضمن عادةً احمرارًا وتقشرًا وفقدانًا للتصبغ في مناطق مكشوفة للشمس مثل الأنف، صيوان الأذن، والجفون.
من العلامات المميزة وجود قرح أو تآكلات سطحية مغطاة بقشور، وقد تمتد الآفات لتسبب تشوه في الأنف الخارجي أو فقدان لمعانه الطبيعي.


في بعض الحالات، يُلاحظ تساقط الشعر الموضعي أو تقرحات مزمنة لا تلتئم بسهولة. أما في الحالات الجهازية (SLE)، فقد تترافق الآفات الجلدية مع أعراض عامة مثل الحمى المتقطعة، الخمول، تضخم العقد اللمفاوية، وآلام المفاصل، مما يجعل التشخيص أكثر تعقيدًا.
للمزيد عن اعراض الذئبة الحمامية بشكل مفصل اضغط هنا.
تهدف المعالجة إلى السيطرة على نشاط الجهاز المناعي وتخفيف الأعراض. يُعتبر البريدنيزولون (Prednisolone) العلاج الأساسي بجرعات مثبطة للمناعة، تُخفض تدريجيًا للوصول إلى أقل جرعة فعّالة.
في الحالات المزمنة أو المقاومة يمكن إضافة أدوية أخرى مثل الكلورامبيوسيل أو السيكلوسبورين لتقليل الاعتماد على الكورتيكوستيرويدات.
في حالات DLE الموضعية، يُوصى باستخدام واقيات الشمس وتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس لتقليل تفاقم الآفات.
أما العدوى الجلدية الثانوية الناتجة عن التقرحات المزمنة فيجب معالجتها بمضادات حيوية مناسبة.
الذئبة الحمامية في القطط مرض مزمن يحتاج إلى متابعة طويلة الأمد، والاستجابة للعلاج تختلف من حالة لأخرى. السيطرة المبكرة والالتزام بالعلاج يساهمان في تحسين نوعية حياة القطط المصابة وتقليل الانتكاسات.
الأمراض المرتبطة بالغدد والهرمونات
متلازمة هشاشة الجلد
متلازمة هشاشة الجلد عند القطط (Feline Skin Fragility Syndrome – FSFS) تُعد من امراض القطط الجلدية النادرة ولكنها في نفس الوقت بالغة الأهمية، إذ تؤدي إلى تغيّرات عميقة في مرونة الجلد وقابليته للتمزق.
هذه المتلازمة ليست مرضًا أوليًا في الغالب، وإنما تظهر كنتيجة ثانوية لاضطرابات هرمونية أو جهازية، مثل فرط كورتيزول الدم (Cushing’s syndrome)، أو السكري، أو استخدام الكورتيكوستيرويدات لفترات طويلة.
في بعض الحالات، قد ترتبط أيضًا بأورام داخلية مثل الأورام البنكرياسية أو الكبدية، ما يجعلها علامة إنذارية على مرض أعمق.
الأعراض السريرية:
- الجلد يكون رقيقًا جدًا وقابلًا للتمزق بسهولة شديدة حتى عند التعامل الطبيعي أو أثناء اللعب.
- ظهور تمزقات وجروح عفوية أو بعد رضوض طفيفة جدًا، غالبًا في الرقبة، الظهر، والفخذين.
- بطء التئام الجروح وتكوّن ندبات واسعة.
- في بعض الحالات يُلاحظ تساقط الشعر أو التهاب جلدي ثانوي بسبب العدوى البكتيرية.
- القطط قد تُظهر علامات للمرض الأساسي مثل العطش المفرط، التبول الزائد، وزيادة الشهية في حالة فرط الكورتيزول أو السكري.
المعالجة:
- العلاج المباشر للجلد محدود، إذ لا توجد وسيلة لإعادة الجلد إلى حالته الطبيعية بشكل كامل.
- الخطوة الأساسية هي معالجة السبب الجذري، مثل التحكم في فرط الكورتيزول جراحيًا أو دوائيًا، ضبط السكري، أو إيقاف الاستخدام المزمن للكورتيكوستيرويدات.
- العناية بالجروح أمر بالغ الأهمية، ويشمل تنظيفها بلطف، خياطتها بحذر (إذ قد تتمزق بسهولة مرة أخرى)، ومنع القطة من خدش نفسها باستخدام أطواق واقية.
- يُوصى أيضًا بتقليل الاحتكاك الميكانيكي بالجلد، وتجنب أي تدخلات عنيفة.
- في بعض الحالات المتقدمة، قد يكون الإنذار سيئًا إذا كان السبب الأساسي غير قابل للعلاج.
الصلع البارانيوبلاستي (Paraneoplastic alopecia)
الصلع البارانيوبلاستي (Paraneoplastic alopecia) عند القطط يُعَدّ من المتلازمات الجلدية النادرة المرتبطة بوجود أورام داخلية، وخاصة أورام البنكرياس أو الكبد.
يتميز هذا المرض بكونه علامة سريرية ثانوية لوجود ورم خبيث، وليس مرضًا جلديًا أوليًا. غالبًا ما يُشاهد في القطط المتقدمة في العمر، وتكون التغيرات الجلدية جزءًا من الصورة السريرية العامة للورم .
العلامة الأبرز اهذه الحالة هي فقدان الشعر المفاجئ والمنتشر، خاصة في مناطق البطن، الفخذين، والصدر. الجلد في هذه المناطق يكون أملس ولامعًا، وكأنه مصقول.
مع تطور الحالة، قد تظهر تشققات أو تقرحات جلدية تؤدي إلى التهابات ثانوية، وأحيانًا قد تُلاحظ قشور أو جلبات سطحية.
إضافة إلى التغيرات الجلدية، تعاني القطط غالبًا من أعراض جهازية مرتبطة بالورم مثل فقدان الشهية، فقدان وزن سريع، خمول، وضعف عام. قد يكون هناك أيضًا قيء أو إسهال مزمن إذا كان الورم في الجهاز الهضمي، أو يرقان في حال إصابة الكبد.
العلاج الفعّال الوحيد لهذا الصلع يكمن في استئصال الورم الأساسي إن أمكن، إذ أن السيطرة على الورم قد تؤدي أحيانًا إلى تحسن في الحالة الجلدية.
للأسف، غالبًا ما يتم تشخيص الصلع البارانيوبلاستي في مراحل متقدمة يصعب فيها الاستئصال. لذلك يتركز التدبير في معظم الحالات على الرعاية الداعمة، مثل استخدام المضادات الحيوية لعلاج العدوى الثانوية، وتقديم مسكنات الألم، مع دعم الحالة الغذائية لتحسين نوعية الحياة.
الصلع البارانيوبلاستي عند القطط يُعتبر مؤشرًا إنذاريًا خطيرًا لوجود ورم داخلي متقدم، وغالبًا ما يرتبط بتشخيص سيئ. ومع ذلك، فإن التعرف المبكر على الأعراض الجلدية قد يساعد الأطباء البيطريين على اكتشاف الأورام الداخلية بشكل أسرع، مما قد يمنح فرصة أفضل للتدخل العلاجي وتحسين حياة الحيوان.
الأورام الجلدية
سرطان الخلايا الحرشفية
سرطان الخلايا الحرشفية (Squamous cell carcinoma – SCC) عند القطط هو من أكثر الأورام الجلدية الخبيثة شيوعًا، خاصةً في المناطق المكشوفة للشمس مثل الأنف، صيوان الأذن، والجفون. يرتبط حدوثه بشكل كبير بالتعرض المزمن للأشعة فوق البنفسجية، لذا فهو يُلاحظ بكثرة في القطط ذات الفراء الأبيض أو الفاتح التي تعيش في بيئات مشمسة.
الأعراض السريرية لسرطان الخلايا الحرشفية تبدأ غالبًا بظهور بقع أو آفات متقشرة متهيجة تشبه الجروح السطحية التي لا تلتئم. مع تقدم الحالة تتحول هذه البقع إلى تقرحات نازفة أو عقيدات متصلبة ذات حواف مرتفعة.
من العلامات المميزة أن هذه الآفات عادةً لا تستجيب للعلاجات التقليدية للجروح أو الالتهابات الجلدية.
قد يُلاحظ المربي أيضًا تورمًا موضعيًا، فقدان شعر، وإفرازات مصلية أو قيحية.
إذا أصاب الورم منطقة الفم (SCC الفموي) فقد يؤدي إلى صعوبة في الأكل، رائحة فموية كريهة، أو سيلان لعاب ممزوج بالدم.
في الحالات المتقدمة، يمكن أن يغزو الورم العظام المجاورة مسببًا تشوهًا أو ألمًا شديدًا.
تتطلب المعالجة التدخل المبكر، إذ أن الاستئصال الجراحي الواسع يُعتبر الخيار العلاجي الأفضل ويمنح أعلى فرص الشفاء إذا تم قبل حدوث الانتشار.
في الحالات التي لا يمكن فيها الاستئصال الكامل، تُستخدم وسائل أخرى مثل العلاج الإشعاعي، أو العلاج الضوئي الديناميكي (Photodynamic therapy) خصوصًا للآفات السطحية أو في المواقع الحساسة.
كما قد يُستخدم العلاج الكيماوي الموضعي (مثل 5-fluorouracil) لبعض الآفات الجلدية الصغيرة. دعم الحالة يتضمن أيضًا معالجة العدوى الثانوية والسيطرة على الألم.
يعتمد الإنذار على موقع الورم ومرحلة الاكتشاف، فالأورام الموضعية الصغيرة التي تُستأصل مبكرًا تحمل إنذارًا جيدًا، بينما الحالات المتقدمة أو المنتشرة قد يكون علاجها صعبًا مع توقعات أقل إيجابية. لذا يُعد الفحص المبكر لأي آفة جلدية مزمنة أو تقرح لا يلتئم أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على صحة القطط.
أورام الخلايا البدينة (Mast cell tumors)
أورام الخلايا البدينة (Mast cell tumors – MCTs) عند القطط تُعتبر من أهم الأورام الجلدية وأكثرها شيوعًا بعد الأورام الليفية.
تنشأ هذه الأورام من الخلايا البدينة التي تلعب دورًا في الاستجابات التحسسية والالتهابية، مما يفسر طبيعة الأعراض الجلدية المصاحبة لها.
يمكن أن تظهر الأورام على شكل كتل أو عقيدات جلدية مفردة أو متعددة، وغالبًا ما تكون مرتفعة عن سطح الجلد وذات قوام متماسك.
في بعض الحالات قد تكون ناعمة أو مغطاة بقرح سطحية نتيجة الحكّ أو الصدمات. هذه العقيدات قد تتراوح ألوانها بين الوردي والبني أو الأحمر، وتظهر عادةً على الرأس والرقبة والجذع.
الأعراض المصاحبة لهذه الحالة لا تقتصر على الآفات الجلدية فحسب، إذ أن إفراز الهستامين والمواد الوسيطة الأخرى من الخلايا البدينة قد يؤدي إلى أعراض جهازية مثل الحكة الشديدة، القيء أو الإسهال المتقطع، وفي بعض الحالات الشديدة يمكن أن يحدث تقرّح أو وذمة موضعية.
إذا أصاب الورم الطحال أو الأمعاء، فقد تظهر أعراض هضمية أكثر وضوحًا مثل فقدان الشهية، خمول، أو فقدان وزن.
تتوقف المعالجة على نوع الورم وموضعه. ففي الأورام الجلدية الموضعية، يُعتبر الاستئصال الجراحي الواسع العلاج الأمثل مع هامش أمان لتقليل احتمالية النكس.
أما إذا كان الورم غير قابل للاستئصال أو متعددًا، فقد يُلجأ إلى العلاج الكيماوي (مثل لوموستين Lomustine) أو الأدوية المثبطة للخلايا.
كما قد تُستخدم مضادات الهيستامين (مثل ديفينهيدرامين) لتقليل الأعراض المرتبطة بتحرر الوسائط من الخلايا البدينة.
في بعض الحالات، يُوصى أيضًا بالعلاج الإشعاعي خصوصًا للأورام غير القابلة للجراحة أو في المواقع الحساسة.
يُعد إنذار أورام الخلايا البدينة في القطط أفضل منه في الكلاب، إذ أن كثيرًا من الحالات تكون حميدة أو ذات تطور بطيء، لكن بعض الأورام قد تكون عدوانية وتنتشر للأعضاء الداخلية. لذا فإن التشخيص المبكر والعلاج الجراحي المناسب يظلان العامل الأهم لتحقيق نتائج إيجابية وتقليل المضاعفات.
أورام ميلانينية أو لمفاوية جلدية
الأورام الميلانينية واللمفاوية الجلدية عند القطط تُعد من الأورام النادرة نسبيًا، لكنها تحمل أهمية سريرية لارتباطها بظهور إصابات جلدية التهابية أو تقرحية مزمنة.
تنشأ الأورام الميلانينية (Melanomas) من الخلايا الميلانينية المسؤولة عن إنتاج صبغة الميلانين، وتظهر غالبًا في الفم، العيون أو الجلد.
في القطط، قد تُلاحظ سريريًا على شكل كتل أو عقيدات مصطبغة بلون أسود أو بني داكن، وأحيانًا تكون غير مصطبغة فتبدو وردية أو رمادية. هذه الآفات قد تتقرح أو تنزف بسهولة وتكون مؤلمة في بعض الحالات.
من العلامات المرافقة تساقط الشعر الموضعي، الالتهاب الجلدي المحيط بالآفة، وفي حال الأورام الفموية قد يظهر سيلان لعاب ممزوج بالدم وصعوبة في المضغ أو البلع.
الميلانوما في القطط غالبًا ما تكون مهاجمة وتتوسع وتميل للانتشار إلى العقد اللمفاوية أو الرئة.
أما الأورام اللمفاوية الجلدية (Cutaneous lymphoma) فتنشأ من الخلايا اللمفاوية، وقد تكون موضعية في الجلد أو جزءًا من مرض جهازي لمفاوي.
سريريًا، تُشاهد على شكل لويحات أو عقيدات متعددة، غالبًا مرتفعة ومصحوبة باحمرار وتقشر، وقد تتطور إلى قرح جلدية واسعة.
تصيب هذه الأورام الرأس، الأطراف، والجذع، وأحيانًا قد تكون مصحوبة بحكة أو إفرازات. في حال الارتباط بلمفوما جهازية، يمكن أن ترافقها أعراض عامة مثل فقدان الوزن، الخمول، أو تضخم العقد اللمفاوية.
تُعالج الميلانوما الجلدية أساسًا بالاستئصال الجراحي الواسع، مع إمكانية استخدام العلاج الإشعاعي أو الكيماوي في الحالات المنتشرة أو الفموية.
أما اللمفوما الجلدية فتعتمد معالجتها على العلاج الكيماوي الجهازي (مثل بروتوكولات سي إتش أو بي – CHOP)، وفي بعض الحالات قد يُستخدم العلاج الموضعي بالستيرويدات لتقليل الالتهاب والحكة.
الدعم بعلاج الأعراض (السيطرة على الألم، معالجة العدوى الثانوية) يُعتبر جزءًا مهمًا من الخطة العلاجية.
كل من الأورام الميلانينية واللمفاوية الجلدية في القطط تحمل إنذارًا حذرًا إلى سيئًا نظرًا لطبيعتها العدوانية أو ميلها للانتشار، لكن التدخل المبكر والتشخيص الدقيق يساهمان في تحسين جودة حياة القطط المصابة وإطالة بقائها.
تقييم مسببات الأمراض الجلدية
لتوضيح مدى تأثير كل فئة من المسببات على القطط، قمت بتحليلها بناءً على عوامل مثل شدة الأعراض، سهولة الانتشار، وصعوبة العلاج. يوضح المخطط الراداري أدناه تقييمًا لكل فئة.
يوضح المخطط أعلاه أن الطفيليات والعدوى الفطرية تميل إلى أن تكون ذات شدة انتشار أعلى، بينما الحساسية غالبًا ما تكون أكثر صعوبة في التشخيص وقد تتطلب علاجًا طويل الأمد.
كيفية وقاية القطط من الاصابة بالامراض الجدلية
الوقاية من الأمراض الجلدية للقطط تتطلب العاية المسبقة والحرص على نجنب المسببات، بينما العلاج يستلزم غالبًا تدخلًا بيطريًا متخصصًا. الجدول التالي يلخص بعض الأمراض الشائعة ومناطق تأثيرها وطرق علاجها.
| المرض الجلدي | الأعراض الرئيسية | طرق العلاج | التأثير على القطة | أكثر مناطق التأثير |
|---|---|---|---|---|
| البراغيث (Flea allergy dermatitis – FAD) | حكة شديدة، حطاطات وقشور (miliary dermatitis)، تساقط شعر، التهابات ثانوية | مضادات براغيث (سيلامكتين، فلويرالانر)، علاج بيئي، كورتيكوستيرويدات/مضادات هيستامين عند الحاجة | يسبب إزعاجًا شديدًا، التهاب مزمن إذا لم يُعالج | المنطقة القطنية العجزية، البطن، الأطراف الخلفية |
| عثّ الأذن (Otodectes cynotis) | حكة بالأذن، إفرازات داكنة تشبه القهوة، هز الرأس وخدش الأذن، أحيانًا حكة معممة | تنظيف الأذن + سيلامكتين/موكسيدكتين/إيفرمكتين | يسبب التهاب أذن وألم وقد يؤدي لالتهاب أذن وسطى | الأذن الخارجية أساسًا، وقد يمتد للرقبة والرأس |
| الجرب (Notoedres cati, Sarcoptes) | حكة شديدة جدًا، قشور سميكة، تساقط شعر، التهابات ثانوية | سيلامكتين، موكسيدكتين، إيفرمكتين، Lime sulfur dips | يسبب حكة مبرحة، ضعف عام إذا مزمن | يبدأ بالرأس والأذنين ثم ينتشر للجسم |
| الديموديكوسيس (Demodex cati, D. gatoi) | صلع موضعي أو معمّم، قشور، حكة (أشد في D. gatoi)، التهابات ثانوية | إيفرمكتين، موكسيدكتين/إيميداكلوبريد، سيلامكتين، Lime sulfur dips (خاصة D. gatoi) | قد يكون مزمنًا؛ D. gatoi معدٍ ويسبب عدم ارتياح شديد | الوجه، العنق، الجسم (D. cati) – عام (D. gatoi) |
| القوباء الحلقية (Dermatophytosis, M. canis) | بقع دائرية خالية من الشعر، قشور سطحية، التهاب جلدي، أحيانًا حامل صامت | إيتراكونازول (جهازي)، مراهم أو غسولات مضادة للفطريات، تنظيف البيئة | معدٍ بين القطط والإنسان، مزمن إذا لم يُعالج | الرأس، الأذنين، الأطراف، الجسم |
| الفطريات الجهازية الجلدية (Sporothrix, Cryptococcus) | عقيدات جلدية متقرحة (Sporothrix)، آفات أنفية وجهية وعصبية (Cryptococcus) | إيتراكونازول/فلوكونازول (طويل الأمد)، أمفوتيريسين B مع فلوكيتوزين في الحالات الشديدة | مرض خطير، قد يكون مميتًا، وبعضها معدٍ للبشر (Sporothrix) | الوجه، الأطراف، الأنف، الجلد المعمم |
| الخراجات (نتيجة العضات) | كتلة متورمة مؤلمة، إفراز صديدي كريه، حمى وخمول | فتح وتصريف + تنظيف + مضادات حيوية (أموكسيسيلين-كلافولانات، كليندامايسين) | مؤلم جدًا، قد يسبب تسمم دم أو ناسور | الرأس، الرقبة، الأطراف الخلفية، قاعدة الذيل |
| التهابات الجلد القيحية (Pyoderma) | بثور وصديد، قشور صفراء، تساقط شعر، احمرار، آلام جلدية | مضادات حيوية جهازية + غسولات مطهرة (كلورهيكسيدين)، معالجة السبب الأساسي | إزعاج شديد، قد تصبح مزمنة أو معقدة بعدوى ثانوية | أي منطقة مصابة بالحكة أو الجروح |
| التحسس الجلدي (Atopy/ Food allergy) | حكة مزمنة، لعق مفرط، قشور أو صلع متماثل، التهاب حطاطي قشري | تجنب المؤثر (غذاء/بيئة)، كورتيكوستيرويدات، مضادات هيستامين، أدوية مناعية | مزمن ويؤثر على نوعية الحياة | الوجه، الرأس، العنق، البطن |
| المركب الحبيبي اليوزيني (EGC) | لويحات أو قرحات بالفم، الفخذ، أو الشفاه، عقيدات جلدية | كورتيكوستيرويدات، مضادات حيوية عند العدوى الثانوية | قد يسبب تقرحات مزمنة ومؤلمة | الشفاه، الفم، الفخذ، البطن |
| الأورام الجلدية (SCC, MCT) | عقيدات أو آفات مزمنة، قد تتقرح أو تنزف | جراحة، علاج إشعاعي/كيماوي | خطورة عالية حسب النوع؛ SCC عدواني | الأنف، الأذنين، الجلد عديم الصبغة أو المعرض للشمس |
نصائح للحفاظ على صحة جلد قطتك
إليك قائمة بأهم النصائح العملية للوقاية من إصابة القطط بالأمراض الجلدية:
- التحكم في الطفيليات الخارجية:
- استخدام أدوية وقائية ضد البراغيث والقراد والبعوض (مثل سيلامكتين أو فلويرالانر) بشكل شهري.
- علاج جميع الحيوانات في المنزل لتفادي إعادة العدوى.
- النظافة الشخصية للقطة والبيئية:
- تنظيف فراش القطط والأغطية بانتظام بالماء الساخن.
- استخدام المكانس الكهربائية لإزالة الشعر المتساقط والجراثيم الفطرية (خاصة مع القوباء الحلقية).
- تعقيم أدوات العناية مثل الفُرش والمشط.
- تجنب الاختلاط بالقطط الضالة أو المصابة: لأنها مصدر رئيسي للطفيليات (البراغيث، الجرب) والأمراض المعدية (القوباء الحلقية، الفيروسات).
- تغذية متوازنة لدعم الجهاز المناعي: تقديم غذاء متكامل غني بالبروتين والفيتامينات والأحماض الدهنية (مثل أوميغا-3 وأوميغا-6) التي تحافظ على صحة الجلد والفراء.
- العناية الدورية بالجلد والفراء:
- تمشيط الشعر بانتظام لإزالة الأوساخ والطفيليات.
- فحص الجلد دوريًا لاكتشاف أي تساقط شعر، قشور أو كتل مبكرًا.
- الوقاية من أشعة الشمس المباشرة: خاصة للقطط ذات الجلد الفاتح أو عديم الصبغة، لتقليل خطر سرطان الخلايا الحرشفية.
- تجنب توتر وإجهاد القطط: القطط التي تعاني من ضغط نفسي تكون أكثر عرضة للحكّ المفرط أو الأمراض المناعية.
- التطعيمات والرعاية البيطرية الدورية: الفحص البيطري المنتظم يساعد في الكشف المبكر عن الأمراض الجلدية والمناعية.
- عزل القطط الجديدة: عند إدخال قطة جديدة للمنزل يجب عزلها فترة قصيرة وفحصها للتأكد من خلوها من الطفيليات أو الفطريات.
- الاهتمام بالجروح الصغيرة: تنظيف أي خدش أو جرح فورًا لتفادي تطوره إلى خراج أو التهاب جلدي قيحي.


خطورة الأمراض الجلدية الشائعة
يُظهر المخطط البياني أدناه تقييمًا لمدى خطورة الأمراض الجلدية الشائعة على صحة القطة، مع الأخذ في الاعتبار عوامل مثل احتمالية التأثير على الصحة العامة، مخاطر العدوى الثانوية، ومستوى الإزعاج للقطة.
يُظهر هذا المخطط أن أمراضًا مثل السعفة والجرب والخراجات تحمل مستويات خطورة أعلى، غالبًا بسبب قدرتها على الانتشار أو التسبب في عدوى ثانوية شديدة إذا لم يتم علاجها بسرعة.
فهم العلاقة بين مسببات الأمراض الجلدية للقطط
فهم العلاقات بين أسباب الأمراض الجلدية عند القطط يُعد أمرًا أساسيًا للتشخيص والعلاج الناجح، إذ أن معظم المشاكل الجلدية لا تنشأ بشكل منفرد وإنما كنتيجة لتفاعل معقّد بين عوامل طفيليّة، فطرية، بكتيرية، تحسسية، مناعية وهرمونية.
فمثلًا، إصابة القطة بالبراغيث لا تؤدي فقط إلى تهيّج الجلد المباشر، بل قد تُحفّز استجابة فرط حساسية للعاب البرغوث تُعرف بالتهاب الجلد التحسسي للبراغيث (FAD)، وهو من أكثر الأمراض شيوعًا.
هذه الاستجابة التحسسية قد تضعف الحاجز الجلدي وتجعل القطة أكثر عرضة لالتهابات ثانوية بكتيرية أو فطرية مثل البيوديرما أو القوباء الحلقية.
من جهة أخرى، العوامل المناعية والهرمونية لها دور مركزي. على سبيل المثال، القطط المصابة بفيروس نقص المناعة (FIV) أو بمرض السكري تكون أكثر عرضة للإصابة بالالتهابات الجلدية المزمنة أو بداء الديموديكس (Demodex cati) نتيجة لانخفاض كفاءة الجهاز المناعي.
كذلك، متلازمة هشاشة الجلد (FSFS) تُظهر كيف أن اضطرابًا هرمونيًا مثل فرط الكورتيزول يمكن أن يُضعف مرونة الجلد فيجعل القطة عرضة لتمزقات خطيرة وعدوى ثانوية.
أيضًا هناك علاقة مباشرة بين العوامل الطفيلية والفطرية. فالقطة التي تعاني من الجرب مثلاً تخدش جلدها بشكل متكرر بسبب الحكة، ما يُسبب جروحًا سطحية تُصبح بوابة للبكتيريا (مؤدية لالتهابات قيحية) أو للفطريات الانتهازية.
بالمثل، الفطريات الجهازية مثل Sporothrix schenckii قد تبدأ كإصابة جلدية موضعية لكنها تنتشر عبر الدم أو الجهاز اللمفي لتُحدث مرضًا جهازيًا، ما يُظهر الترابط بين العدوى الجلدية والعدوى الجهازية.
كذلك، تلعب العوامل البيئية دورًا مهمًا، فالقطط في الملاجئ أو البيئات المكتظة أكثر عرضة للإصابة بعدة أمراض جلدية متزامنة مثل القوباء الحلقية والبراغيث والجرب، ما يُعقد الصورة السريرية. وهنا يصبح من الصعب أحيانًا تحديد السبب الأولي ما لم يتم استخدام وسائل تشخيص دقيقة كالكشط الجلدي، الزرع الفطري، أو اختبارات الحساسية.
يُقدم هذا الفيديو معلومات قيمة حول امراض القطط الجلدية وعلاجها، من خلال مشاهدة الفيديو ستتحصل على الكثير من المعلومات:
ختاماً
تُعتبر امراض القطط الجلدية تحديًا شائعًا لمربي القطط، لكن مع الفهم الصحيح لأسبابها وأعراضها وطرق علاجها، يمكن لأصحاب القطط حماية حيواناتهم الأليفة والحفاظ على صحتها.
دائمًا ما يكون التشخيص المبكر والرعاية البيطرية المتخصصة هما المفتاح لضمان أفضل النتائج. من خلال اتباع تدابير وقائية بسيطة والانتباه لأي تغيرات في جلد وفرو قطتك، يمكنك المساعدة في الحفاظ على قطك سعيدًا ومتعافي صحياً.
الأسئلة الشائعة
ما هي العلامات الأكثر شيوعًا للأمراض الجلدية في القطط؟
العلامات الشائعة للأمراض الجلدية في القطط: تساقط الشعر، الحكة المفرطة، احمرار الجلد، ظهور بقع أو قروح، وتغيرات في نسيج الجلد مثل التسمك أو التقشر.
هل يمكن أن تنتقل أمراض جلد القطط إلى البشر؟
نعم، بعض الأمراض الجلدية مثل السعفة (القوباء الحلقية) هي أمراض حيوانية المصدر ويمكن أن تنتقل من القطط إلى البشر. لذا، من المهم اتخاذ احتياطات النظافة وعزل القطة المصابة.
ماذا أفعل إذا لاحظت أعراضًا جلدية على قطتي؟
يجب عليك استشارة الطبيب البيطري فورًا. التشخيص المبكر والعلاج المناسب ضروريان لمنع تفاقم المشكلة وتحسين فرص الشفاء.
كيف يمكن الوقاية من الأمراض الجلدية لدى القطط؟
تشمل الوقاية الحفاظ على نظافة بيئة القطة، استخدام منتجات مكافحة الطفيليات بانتظام، توفير نظام غذائي متوازن، وفحص جلد القطة بانتظام.















هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم