يُعد دواء بِسموث سبسيلاسيلات (Bismuth Subsalicylate) أحد أشهر الأدوية البشرية المستخدمة لتخفيف مشاكل الجهاز الهضمي، ويُعرف تجارياً بأسماء مثل Pepto-Bismol أو Kaopectate.
يعمل الدواء على تهدئة المعدة وتقليل الالتهاب والإسهال لدى البشر والكلاب، إلا أنّ استخدامه في القطط يختلف تماماً، إذ يحمل مخاطر عالية قد تصل إلى السمية بسبب احتوائه على مركّبات الساليسيلات المشابهة للأسبرين.
لهذا يجب التعامل مع هذا الدواء بحذر شديد عند التفكير باستخدامه للقطط، وعدم إعطائه نهائياً بدون إشراف بيطري، لأن القطط أقل قدرة على استقلاب الساليسيلات مقارنة بأنواع أخرى من الحيوانات.
موضوع هذا المقال هو تقديم شرح علمي مبسّط وشامل للقارئ حول ماهية هذا الدواء، كيف يعمل، استخداماته المحتملة، مخاطره، جرعاته، آثاره الجانبية، وكيفية التعامل معه بشكل صحيح وآمن.
محتوى المقالة
ما هو دواء بسموث سبسيلاسيلات؟
يُعد بسموث سبسيلاسيلات مركباً دوائياً يجمع بين عنصر البِسموث وبين الساليسيلات. يعمل البسموث على تغطية جدار المعدة والأمعاء، مما يساعد على تخفيف الالتهاب وتسكين التهيج.
أما الساليسيلات فهي مادة مضادة للالتهاب مشابهة لمادة الأسبرين. ورغم أن هذا الدمج مفيد للبشر، فإنه يصبح مشكلة كبيرة بالنسبة للقطط، لأن الساليسيلات تتراكم في أجسامها بسبب بطء التمثيل الغذائي لديها، ما قد يؤدي إلى التسمم.
قد أشارت المرتجع الدوائية البيطرية إلى ضرورة الحذر الشديد عند استخدام هذا الدواء مع القطط، بل إنّ معظم الأطباء البيطريين يتجنبون وصفه لها لأن مخاطره تفوق فوائده المحتملة. وأن المستحضرات البشرية مثل Pepto-Bismol تحتوي على هذا المركب، وهو غير مناسب للقطط بسبب سمية الساليسيلات لديها.
آلية عمل الدواء وكيف يؤثر في جسم القطة
يؤثر بسموث سبسيلاسيلات على الجهاز الهضمي بعدة طرق متداخلة، وهذه الآلية نفسها هي سبب فوائده ومخاطره في الوقت نفسه.
أولاً، يقوم عنصر البسموث بتغطية بطانة المعدة والأمعاء بطبقة واقية، مما يساعد على تقليل التهيج والانزعاج المعوي. هذه الطبقة تعمل أيضاً على إيقاف الالتهاب الموضعي وتهدئة الإسهال الناتج عن حساسية المعدة أو الالتهابات الخفيفة.
ثانياً، يمتلك البسموث خصائص مضادة للبكتيريا، وخاصة تجاه أنواع معينة ترتبط باضطرابات الجهاز الهضمي. ويعتقد بعض المختصين أن له قدرة محدودة على تقليل السموم البكتيرية داخل الأمعاء.
ثالثاً، يساهم الجزء المكوّن من الساليسيلات في تقليل الالتهاب، لكنه يمثل خطراً كبيراً على القطط، حيث إن أجسامها لا تستطيع التخلص من الساليسيلات بشكل سريع. وهذا يؤدي إلى تراكم المادة داخل الجسم، مسبباً أعراض التسمم مثل القيء، النزيف المعدي، اضطرابات الجهاز العصبي، أو حتى الفشل العضوي في الحالات المتقدمة.
قد تم توثيق حالات سمية ساليسيلات في القطط بعد تناول جرعات قليلة من هذا الدواء.
الاستخدامات العلاجية للدواء ولماذا قد يتم وصفه للقطط
بشكل عام، لا يُستخدم بسموث سبسيلاسيلات للقطط بشكل روتيني، ولا يُعد خياراً دوائياً آمناً لعلاج الاضطرابات المعوية لديها. ومع ذلك، قد يلجأ بعض الأطباء البيطريين إلى استخدامه في حالات خاصة جداً وبجرعات دقيقة للغاية، وذلك للسيطرة على:
- الإسهال الحاد المصحوب بتهيج في الجهاز الهضمي.
- التهاب المعدة البسيط.
- اضطرابات هضمية ناتجة عن العدوى البكتيرية.
- حالات محدودة من التسمم المعوي.
ورغم وجود هذه الاستخدامات النظرية، فإن معظم الأطباء يفضلون بدائل أكثر أماناً، لأن المخاطر المحتملة في القطط أعلى بكثير مقارنة بالكلاب.
جرعات الدواء البشرية لا تصلح نهائياً للقطط، وأن الساليسيلات قد تسبب لهم تأثيرات خطيرة في الجهاز العصبي والقلب والمعدة.
طرق إعطاء بسموث سبسيلاسيلات للقطط
المستحضرات المتوفرة للدواء تأتي على شكل:
- شراب (وهو الشكل الأكثر شهرة مثل Pepto-Bismol).
- أقراص مضغ أو أقراص عادية.
- معلقات فموية بشرية.
ولا توجد مستحضرات بيطرية خاصة للقطط. وبسبب المخاطر الدوائية، لا يُعطى هذا الدواء عادة إلا في حالات نادرة وبتوجيه مباشر من الطبيب.
طريقة إعطائه في حال وصفه طبياً
في حال قرر الطبيب البيطري استخدامه (وهو أمر غير شائع) فإنه عادة يعتمد على المعلقات الفموية التي تُعطى باستخدام سرنجة فموية مع تحديد جرعة دقيقة جداً.
يتطلب ذلك مراقبة دقيقة لأي تغيرات في سلوك أو نشاط القطة بعد إعطاء الدواء. ولا يُعطى الدواء بأي شكل من أشكال الحقن للقطط، كما لا يُستخدم كمرهم أو تطبيق موضعي.
ويجب التأكيد على أن إعطاء هذا الدواء دون وصفة أو دون وزن القطة بدقة قد يؤدي إلى أخطاء خطيرة في الجرعة.
الجرعات المناسبة للقطط
لا توجد جرعة موثقة وآمنة للقطط في المراجع البيطرية، وذلك لأن الساليسيلات الموجودة في الدواء تسبب سمية عالية للقطط حتى بجرعات صغيرة.
قد وثقت المراجع الدوائية البيطرية أن جرعات الكلاب لا يمكن تطبيقها على القطط إطلاقاً. كما أشارت البيانات إلى أن القطة قد تُظهر علامات السمية من الساليسيلات بجرعات منخفضة للغاية.
كل ملعقة صغيرة من المستحضر تحتوي على كمية من الساليسيلات قد تكون غير آمنة للقطط. ولهذا لا يُنصح باستخدامه إلا في حالات استثنائية وتحت إشراف بيطري صارم.
لماذا لا توجد جرعة آمنة للقطط؟
- القطط لديها قدرة ضعيفة على استقلاب الساليسيلات
- تراكم الدواء يؤدي إلى التسمم خلال ساعات.
- التفاعل مع أدوية أخرى قد يضاعف السمية.
- السمية قد تظهر حتى مع نصف الجرعة البشرية.
وبسبب هذا الهامش الضيق جداً من الأمان، فإنها ليست دواءً مناسباً للاستخدام المنزلي أبداً.
موانع الاستعمال والحالات التي يجب تجنب إعطاء الدواء فيها
ينبغي عدم إعطاء بسموث سبسيلاسيلات للقطط في الحالات التالية:
- حالات الاشتباه بالتسمم أو النزيف الداخلي.
- وجود أمراض كبدية أو كلوية.
- التهاب البنكرياس.
- القطط الصغيرة جداً أو الضعيفة.
- الحمل والرضاعة.
- حالات الجفاف الشديدة.
- تناول أدوية تحتوي على مضادات التهاب غير ستيرويدية أو أسبرين.
كما يجب تجنب الدواء تماماً إذا كانت القطة تعاني من قيء دموي أو براز أسود، لأن ذلك يدل على احتمالية وجود قرحة أو نزيف داخلي، والدواء قد يزيد الحالة سوءاً.
التأثيرات الجانبية المحتملة وكيفية التعامل معها
مرضى القطط أكثر حساسية لمكونات الدواء مقارنة بالأنواع الأخرى من الحيوانات، وقد تظهر عليهم علامات خفيفة أو شديدة حسب الجرعة.
أعراض جانبية متوقعة في حال ظهور سمية الساليسيلات:
- فقدان الشهية.
- قيء.
- خمول شديد.
- فرط تنفس أو تنفس بصعوبة.
- نزيف معدي أو معوي.
- ارتفاع الحرارة.
- ترنّح وعدم اتزان.
- نوبات أو ارتعاشات.
- تغير لون البراز (قد يصبح داكناً بسبب البسموث).
وقد أشارت المراجع إلى إمكانية ظهور البسموث كظل معتم في تصوير الأشعة السينية، وهو أمر طبيعي وغير خطير بحد ذاته.
ماذا تفعل إذا ظهرت أعراض جانبية؟
- يجب التوقف عن إعطاء الدواء فوراً.
- الاتصال بالطبيب البيطري مباشرة.
- قد يتطلب الأمر علاجاً داعماً مثل:
- سوائل وريدية.
- أدوية لحماية المعدة.
- علاج لإزالة السموم.
- دعم تنفسي في الحالات الشديدة.
الوقت عامل مهم جداً في تقليل أثر السمية، وكلما كان التدخل أسرع كانت فرصة التعافي أعلى.
نصائح مهمة قبل الاستخدام
- لا تعطي القطة أي دواء بشري دون استشارة الطبيب.
- تأكد من وزن القطة بدقة قبل التفكير في أي جرعة.
- تجنب إعطاء الدواء لقطط تعاني من أمراض مزمنة.
- لا تخلط الدواء مع أطعمة القطة لتسهيل تناوله.
- اسأل الطبيب عن بدائل أكثر أماناً مثل البروبيوتيك أو أدوية مضادات الإسهال المخصصة للقطط.
- اخبر الطبيب بجميع الأدوية التي تتناولها القطة.
نصائح مهمة بعد الاستخدام
إذا وصف الطبيب هذا الدواء لقطة ما (وهو أمر غير شائع)، يجب مراقبتها لمدة 24 ساعة على الأقل. يجب الانتباه إلى أي تغير في التنفس أو الوعي أو الشهية، ومتابعة لون البراز، والامتناع عن إعطائها أي أدوية أخرى خلال فترة العلاج.
كما يجب التأكد من إبقاء الدواء بعيداً عن متناول القطة، لأن تناولها له عن طريق الخطأ قد يؤدي إلى التسمم الحاد.
أخطاء شائعة عند إعطاء الدواء للقطط وكيفية تجنبها
- استخدام المستحضر البشري دون استشارة بيطرية.
- الاعتماد على وصفات منزلية أو معلومات غير موثوقة.
- استخدام جرعة مخصصة للكلاب وتطبيقها على القطط.
- تجاهل أعراض السمية المبكرة.
- تكرار الجرعة أكثر من مرة دون توجيه الطبيب.
- الاعتقاد بأن الشراب “لطيف” لأنه مخصص للمعدة.
هذه الأخطاء شائعة جداً، رغم خطورتها على صحة القطط.
تحذير
لا يجوز تحت أي ظرف استخدام دواء بسموث سبسيلاسيلات للقطط بدون استشارة طبيب بيطري مختص، فالمادة تحتوي على مركبات الساليسيلات التي قد تسبب التسمم حتى بجرعات صغيرة.
القطط تختلف فسيولوجياً عن الإنسان والكلاب، واستخدام الأدوية البشرية لها قد يلحق ضرراً بالغاً بصحتها. دائماً ارجع للطبيب البيطري عند وجود أي أعراض هضمية أو إسهال، فالأسباب متعددة والأساليب العلاجية تختلف حسب الحالة.
المصادر
- Merck Veterinary Manual
- Cornell Feline Health Center
- ASPCA Animal Poison Control Center
- Pet Poison Helpline
- Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)
تنويه طبي
تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.
حول كاتب المقال
د. أحمد محلي
طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.
أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.
شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.
بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.
هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم