الأزاثيوبرين: دواء لعلاج الأمراض المناعية الذاتية للقطط

يُعد الأزاثيوبرين (Azathioprine) أحد الأدوية المناعية ذات الاستخدام الواسع في الطب البيطري، خصوصًا لعلاج الأمراض المناعية الذاتية في الكلاب. إلا أن استخدامه في القطط محدود جدًا ويُعد مثيرًا للجدل نظرًا لحساسية القطط الشديدة تجاه الدواء واحتمال حدوث مضاعفات خطيرة تهدد الحياة. ومع ذلك، فقد يُلجأ إليه في حالات نادرة جدًا، وبأقل جرعات ممكنة، وتحت مراقبة طبية صارمة.

يهدف هذا المقال إلى تقديم شرحٍ مفصل عن الدواء وآلية عمله، دواعي الاستخدام، طرق الإعطاء، الجرعات المناسبة، التأثيرات الجانبية، والموانع.

ما هو دواء الأزاثيوبرين؟

الأزاثيوبرين دواء مثبط للمناعة يُستخدم للسيطرة على الأمراض الناتجة عن مهاجمة الجهاز المناعي لأنسجة الجسم. يصنف ضمن مضادات الاستقلاب من فئة “مضادات البيورين”. تشير المصادر إلى أنّه يُستخدم أساسًا في علاج أمراض مناعية في الكلاب، مثل فقر الدم الانحلالي المناعي ومرض التهاب الأمعاء. أما في القطط فيُستخدم بشكل نادر جدًا وبحذر شديد.

الأزاثيوبرين يُعد مضادًا للبيورين يعمل كمثبط للمناعة، ويُستخدم لأمراض مناعية مختلفة… لكن غالبًا لا يُستخدم في القطط لأنها شديدة الحساسية لتأثيراته على نخاع العظم.

آلية عمل الأزاثيوبرين في جسم القطة

تتمثل آلية عمل الأزاثيوبرين في:

1. تثبيط تصنيع الحمضين النوويين DNA وRNA من خلال عرقلة تكوين البيورينات: الأزاثيوبرين يثبط عملية استقلاب البيورين مؤديًا إلى إعاقة تصنيع RNA وDNA وانقسام الخلايا.
2. تقليل انقسام الخلايا المناعية خاصة الخلايا الليمفاوية، مما يؤدي إلى خفض نشاط الجهاز المناعي.
3. نقص إنزيم TPMT في القطط القطط تعاني من انخفاض كبير في إنزيم thiopurine methyltransferase (TPMT) المسؤول عن استقلاب الدواء، مما يجعلها أكثر عرضة للتسمم: “القطط ناقصة في نشاط إنزيم TPMT مما يجعلها عرضة بشدة لتسمم الأزاثيوبرين.”

استخدامات الأزاثيوبرين في علاج القطط

على الرغم من خطورته على القطط، إلا أنّ بعض الأطباء البيطريين قد يلجؤون إليه في حالات نادرة جدًا، عندما تفشل كل البدائل الأخرى. وتشمل هذه الحالات:

• علاج التهاب الأمعاء المزمن الشديد (Severe IBD): في القطط، قد يُستخدم بجرعة صغيرة لعلاج التهاب الأمعاء الشديد المقاوم، لكن يجب استخدامه بحذر شديد بسبب احتمال حدوث تسمم نخاع العظم.
• بعض أمراض المناعة الجلدية: على الرغم من خطورته، فإنه قد يُستعمل أحيانًا في علاج الأمراض الجلدية المناعية الشديدة لدى القطط.

ملاحظة مهمة:

العديد من الأطباء يعتبرون الأزاثيوبرين غير آمن للقطط، ويفضلون بدائل مثل: الكورتيكوستيرويدات – الكلورامبيوسيل – المايكوفينوليت.

أشكال الدواء وطرق إعطائه للقطط

تتوفر أشكال الأزاثيوبرين التالية:

الأقراص (Tablets)

متوفرة بتركيزات: 25، 50، 75، 100 ملغ.

بسبب الجرعات الصغيرة جدًا التي تحتاجها القطط، يلجأ الأطباء غالبًا إلى:

• تقسيم الأقراص إلى أجزاء دقيقة.
• أو تحضير معلّق فموي (oral suspension) في الصيدليات البيطرية (يمكن سحق قرص 50 ملغ وتعليقه في 15 مللي من الشراب للحصول على تركيز 3.3 ملغ/مل).

الحقن (Injection)

يأتي بتركيز 10 mg/mL إلا أنه نادراً ما يُستخدم للقطط نظرًا لخطورة الدواء.

لا يتوفر الدواء على شكل شراب جاهز أو مرهم

لكن يمكن تحضير شراب صيدلي مُركّب.

الجرعات المناسبة للقطط

تُعد الجرعة أدناه شديدة الحساسية والخطورة، ويجب ألا تُعطى إلا على يد طبيب بيطري مختص:

• الجرعة القياسية للقطط: 0.3 mg/kg فمويًا مرة كل 24–48 ساعة.
• جرعة حالات التهاب الأمعاء الشديد: 0.3 mg/kg كل يومين وقد يتطلب 3–5 أسابيع لظهور التحسن.

ملاحظات مهمة بخصوص الجرعة:

• الجرعة صغيرة جدًا لدرجة أنها قد تكون 1/30 إلى 1/50 قرص واحد للقطط.
• يجب إجراء تحضير صيدلي دقيق لتجنب الجرعات الخطأ.
• أي زيادة بسيطة في الجرعة قد تؤدي إلى تسمم نخاع العظم وبالتالي الموت.

موانع استخدام الأزاثيوبرين في القطط

يُمنع استخدام الأزاثيوبرين في الحالات التالية:

• القطط بشكل عام: معظم الأطباء لا يوصون باستخدام الأزاثيوبرين في القطط بسبب احتمال حدوث تسمم قاتل.
• القطط المصابة بأمراض الكبد: يجب استخدام الدواء بحذر شديد في حالات القصور الكبدي.
• القطط التي تتناول أدوية تتداخل مع الآلية المناعية أو تؤثر على نخاع العظم: مثل:
  • السلفاسالازين.
  • الأمينوساليسيلات.
  • بعض مثبطات ACE.
• الحمل والرضاعة: الدواء مُسبب للطفرات ومشوّه للأجنة، ويُفرز في الحليب.

التأثيرات الجانبية المحتملة للأزاثيوبرين

• القطط أكثر حساسية من الكلاب بمراحل، لذلك تظهر التأثيرات الخطيرة بسرعة.
• تثبيط نخاع العظم (الأخطر والأكثر شيوعًا): التأثير الجانبي الرئيسي هو تثبيط نخاع العظم، والقطط معرضة له بشكل أكبر. وهذا يؤدي إلى:
  • انخفاض كريات الدم البيضاء (Leukopenia).
  • الأنيميا.
  • نقص الصفائح الدموية (Thrombocytopenia).
• التهابات ثانوية بسبب نقص المناعة: الدواء يثبط المناعة وقد يجعل الحيوان عرضة للعدوى والأورام.
• فقدان الشهية والقيء واضطرابات الجهاز الهضمي.
• التهاب البنكرياس.
• سمية كبدية (Hepatotoxicity).

كيفية متابعة القطة أثناء العلاج

يحتاج الأزاثيوبرين إلى مراقبة دقيقة تشمل:

• تحليل CBC بعد أسبوعين من بدء العلاج ثم دوريًا: فحص CBC ضروري بعد أسبوعين ثم بشكل دوري للكشف عن كبت نخاع العظم.
• فحص إنزيمات الكبد.
• مراقبة حرارة القطة لاكتشاف العدوى مبكرًا.
• مراقبة الشهية والقيء والإسهال.

نصائح مهمة قبل وبعد إعطاء الأزاثيوبرين للقطط

1. لا يمكن البدء بالدواء دون فحوص مسبقة تشمل CBC ووظائف الكبد.
2. يجب تجنب أي دواء آخر يؤثر على نخاع العظم.
3. الالتزام بالجرعة بدقة شديدة.
4. مراجعة الطبيب فورًا عند ظهور:
   • خمول شديد.
   • نزيف لثوي أو تحت الجلد.
   • ارتفاع الحرارة.
   • فقدان الشهية.
5. عدم إيقاف الدواء فجأة دون استشارة الطبيب.
6. عند تحضير المعلق الفموي يجب رجّه جيدًا قبل الاستخدام.
7. ارتداء قفازات عند التعامل مع الدواء لأنه مسرطن ومطفّر.

أخطاء شائعة عند إعطاء الأزاثيوبرين للقطط

1. استخدام الدواء دون وصفة بيطرية: خطير للغاية وقد يؤدي إلى وفاة القطة.
2. تقسيم الأقراص بشكل غير دقيق: نظرًا لصغر الجرعة المطلوبة للقطط، قد يؤدي خطأ بسيط إلى مضاعفات خطيرة.
3. عدم إجراء فحص CBC المتكرر: قد يؤدي إلى عدم اكتشاف كبت نخاع العظم في الوقت المناسب.
4. إعطاء الدواء يوميًا بدل كل يومين: وهو خطأ شائع قد يسبب جرعة سامة.
5. استخدامه مع أدوية تتداخل معه دون علم الطبيب: مثل السلفاسالازين وأدوية الجهاز المناعي.

تحذير مهم

الأزاثيوبرين دواء شديد الخطورة على القطط، وقد يؤدي إلى وفاة الحيوان عند استخدامه دون إشراف بيطري متخصص. لا يجب بأي حال من الأحوال استخدامه دون وصفة وفحوص لازمة ومتابعة مستمرة.

الطبيب البيطري وحده هو المخوّل بتحديد مدى ملاءمة الدواء والجرعة وتواترها وآلية المراقبة.

المصادر

• Merck Veterinary Manual
• Cornell Feline Health Center
• ASPCA Animal Poison Control Center
• Pet Poison Helpline
• Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)

تنويه طبي

تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.

حول كاتب المقال

د. أحمد محلي

طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.

أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.

شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.

بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.