يعد بوديزونايد (Budesonide) أحد الأدوية الحديثة نسبيًا في مجال الطب البيطري، خاصة لعلاج الأمراض الالتهابية في الجهاز الهضمي لدى القطط.
على الرغم من أنه دواء موجّه أساساً للبشر، فقد أثبتت الدراسات والممارسات البيطرية فعاليته في حالات معينة لدى القطط، خصوصًا عندما لا تتحمّل القطة الآثار الجانبية للستيرويدات التقليدية مثل البريدنيزولون.
يعتمد الأطباء البيطريون على هذا الدواء لما يتميز به من فعالية عالية وتأثير موضعي على الأمعاء مع تقليل امتصاصه إلى الدم، ما يحد من آثاره الجهازية مقارنة بالكورتيكوستيرويدات الأخرى.
محتوى المقالة
ما هو دواء بوديزونايد؟
بوديزونايد هو كورتيكوستيرويد صناعي شديد الفعالية (تصل قوته إلى 15 مرة أكثر من تأثير البريدنيزولون) لكنه يتميز بخواص علاجية موضعية في الأمعاء بفضل آلية إطلاقه المتحكم فيها وارتفاع معدل استقلابه الكبدي الأولي (First-pass effect). وبذلك يمكنه تخفيف الالتهاب المعوي دون التسبب في الآثار الجانبية الواسعة التي تظهر مع الستيرويدات التقليدية.
يُصنَّف بوديزونايد ضمن الأدوية المضادة للالتهاب في الجهاز الهضمي، ويأتي غالبًا في شكل كبسولات 3 مجم معدّة للإفراج المتأخر للمادة الفعالة.
آلية عمل بوديزونايد في جسم القطة
يعتمد الدواء على نظام تحرير خاص داخل الكبسولة، حيث تحتوي على حبيبات مغلّفة بمادة تمنع تحرر الدواء حتى يصل إلى الأمعاء الدقيقة البعيدة (الدويدنوم والأمعاء الغليظة) حيث الرقم الهيدروجيني المناسب. وبالتالي، لا يتحرر الدواء في المعدة بل يعمل مباشرة في الأنسجة المصابة بالالتهاب.
بعد وصول الدواء للأمعاء:
- يعمل كمضاد قوي للالتهاب عبر تثبيط الوسائط الالتهابية.
- يتراكم داخل الخلايا المعوية ويتم تخزينه عبر الاتحاد مع الأحماض الدهنية.
- ما يتم امتصاصه إلى الدم يتعرّض لاستقلاب كبدي بنسبة 80–90%، مما يقلل تأثيره الجهازي.
وهذه الخصائص هي السبب في اعتباره خيارًا آمنًا نسبيًا مقارنة بالستيرويدات الجهازية عالية الامتصاص.
استخدامات بوديزونايد العلاجية في القطط
الاستخدامات الأساسي للدواء في القطط هي:
علاج مرض التهاب الأمعاء المزمن (IBD)
يُعتبر بوديزونايد خيارًا مهمًا لعلاج التهاب الأمعاء في القطط، خصوصًا في الحالات التي:
- لا تستجيب للعلاجات التقليدية.
- أو تظهر آثارًا جانبية قوية مع البريدنيزولون أو الكورتيكوستيرويدات الأخرى.
كما أثبتت التجارب السريرية الصغيرة والممارسات البيطرية أن الدواء آمن نسبيًا وفعّال لتخفيف أعراض مثل:
- القيء المزمن.
- الإسهال.
- فقدان الوزن.
- التهاب القولون المزمن.
أشكال الدواء وطرق إعطائه للقطط
يُعطى بوديزونايد للقطط عبر الفم فقط، ولم تُثبت فعاليته بأي شكل آخر.
الكبسولات الفموية
- الشكل التجاري المعتاد هو كبسولات 3 مجم.
- نظرًا لصغر حجم القطط، غالبًا ما يحتاج الطبيب إلى إعادة تركيب الدواء (Compounding) بجرعات أصغر مناسبة للقطط.
هل يمكن سحق الكبسولات؟
لا، يمنع سحقها أو فتحها إلا إذا أوصى الطبيب بذلك، لأن نظام تحرير الدواء يعتمد على الغلاف المعدني الخاص.
الجرعات المناسبة للقطط
تختلف الجرعة حسب:
- وزن القطة.
- شدة الحالة.
- استجابة القطة للدواء.
- وجود أمراض أخرى مرافقة.
الجرعة القياسية
- 1 مجم لكل قطة مرة يوميًا.
- وفي بعض الحالات يمكن إعطاؤه مرة إلى مرتين يوميًا حسب استجابة القطة.
جرعات تعتمد على الوزن
- 0.125 مجم/كجم كل 8–12 ساعة، ويمكن تقليل التكرار عند تحسن الحالة.
- جرعات شائعة في القطط: 0.5–0.75 مجم/اليوم بعد إعادة تركيب الدواء.
ملاحظات مهمة حول الجرعة:
- يحتاج الطبيب غالبًا لضبط الجرعة بدقة كبيرة حسب الحالة.
- يجب عدم تغيير الجرعة أو إيقاف الدواء دون استشارة الطبيب، لأن الدواء يؤثر على محور الغدة النخامية – الكظرية (HPA).
موانع الاستعمال والحالات التي يجب الحذر فيها
يُستخدم بوديزونايد بحذر، لأنه رغم تأثيره الموضعي إلا أنه يبقى كورتيكوستيرويد قوي.
يمنع استخدامه في الحالات التالية:
الحساسية تجاه بوديزونايد. يستخدم بحذر شديد في:
- القطة المصابة بقرحة معدية أو معوية.
- القطة المصابة بالعدوى الفيروسية أو البكتيرية النشطة.
- السكري.
- إعتام عدسة العين (Cataract).
- أمراض الكبد.
كما يجب الحذر عند استخدامه مع أدوية أخرى تتعارض معه (سيأتي ذكرها في فقرة منفصلة).
الآثار الجانبية المحتملة لبوديزونايد
على الرغم من أن امتصاصه الجهازي أقل من غيره، إلا أن بعض الآثار قد تظهر، وتشمل:
- ارتفاع إنزيمات الكبد (لوحظ في بعض الكلاب، وقد يحدث في القطط أيضًا).
- تثبيط محور HPA وبالتالي نقص إفراز الكورتيزول عند التوقف المفاجئ.
- علامات فرط الكورتيزون عند الجرعات العالية أو الاستخدام الطويل مثل:
- زيادة العطش.
- زيادة التبول.
- زيادة الشهية.
- ترقق الفراء.
- قد تزيد الآثار في حالات مرض الكبد المتوسط إلى الشديد.
كيف نتعامل مع الآثار الجانبية؟
- إبلاغ الطبيب فورًا عند ظهور أعراض غير طبيعية.
- إجراء تحاليل دورية لوظائف الكبد والغدة الكظرية عند العلاج الطويل.
تفاعلات بوديزونايد مع الأدوية الأخرى
بعض الأدوية تزيد امتصاص بوديزونايد وترفع خطورة آثاره الجانبية، مثل:
- الكيتوكونازول – الإيتراكونازول – الفلوكونازول: (تثبط إنزيم CYP3A وترفع تركيز بوديزونايد في الدم).
- مضادات الحموضة (Antacids): لأنها ترفع pH المعدة وقد تؤثر على تحلل الكبسولة.
كما يجب تجنب إعطائه مع الستيرويدات الأخرى دون إشراف طبي دقيق.
نصائح مهمة قبل وبعد استخدام الدواء
- اتباع تعليمات الطبيب حرفيًا دون تعديل الجرعة.
- عدم فتح أو سحق الكبسولة إلا إذا أوصى الطبيب.
- مراقبة القطة خلال الأسابيع الأولى لأي تغييرات في الشهية أو الوزن أو السلوك.
- إجراء فحوصات دم دورية لتقييم وظائف الكبد ومستوى الكورتيزول.
- الالتزام بتوقيت الجرعة يوميًا لضمان فعالية ثابتة.
- عدم إيقاف الدواء فجأة لتجنب اضطراب محور الغدة الكظرية.
أخطاء شائعة يجب تجنبها
- إعطاء الدواء دون تشخيص دقيق لمرض التهاب الأمعاء. (الستيرويدات قد تخفي أمراضًا خطيرة).
- تعديل الجرعة دون استشارة الطبيب حتى لو بدت القطة أفضل.
- إعطاء الدواء مع أدوية ترفع تركيزه مثل مضادات الفطريات القوية.
- اعتقاد أن بوديزونايد بلا آثار جانبية لأنه “موضعي” — وهذا غير صحيح؛ فهو يثبط HPA ويؤثر على الجسم بدرجة ما.
- استخدام الكبسولة كاملة لقطط صغيرة دون إعادة تركيبها، مما قد يؤدي لجرعة زائدة.
تحذير
بوديزونايد هو دواء قوي ومؤثر على الهرمونات والغدد، ولا يجب استخدامه للقطط إلا تحت إشراف طبيب بيطري مختص.
أي استخدام عشوائي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، خصوصًا عند التوقف المفاجئ أو إعطائه مع أدوية تتداخل معه.
المصادر
- Merck Veterinary Manual
- Cornell Feline Health Center
- ASPCA Animal Poison Control Center
- Pet Poison Helpline
- Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)
تنويه طبي
تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.
حول كاتب المقال
د. أحمد محلي
طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.
أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.
شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.
بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.
هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم