يُعدّ أبومورفين هيدروكلورايد (Apomorphine HCl) واحدًا من الأدوية المستخدمة بشكل واسع في الطب البيطري، وخصوصًا في حالات الطوارئ المتعلقة بتناول الحيوانات مواد سامة.
على الرغم من استخدامه الأكبر يكون في الكلاب، إلا أنّه يمكن استخدامه في القطط بطرق معينة وتحت إشراف بيطري دقيق، لما يحمله من تأثيرات قوية على الجهاز العصبي المركزي.
تهدف هذه المقالة إلى تقديم شرح علمي مبسّط واحترافي حول هذا الدواء، يشمل تعريفه، وآلية عمله، وطرق إعطائه، وجرعاته المناسبة، إضافةً إلى التحذيرات والأخطاء الشائعة، بحيث تكون مرجعًا مهنيًا مناسبًا لمدونات الطب البيطري.
محتوى المقالة
ما هو دواء أبومورفين هيدروكلورايد؟
أبومورفين هيدروكلورايد (Apomorphine HCl) هو دواء ينتمي إلى فئة المنبّهات الدوبامينية (Dopamine agonists)، ويُستخدم أساسًا كدواء مقيّئ (Emetic drug) لتحفيز التقيؤ في الحيوانات التي تناولت مواد سامة. يُعدّ الدواء فعّالًا خصوصًا في الكلاب، حيث ينشّط مركز القيء في الدماغ مسببًا تقيؤًا سريعًا. أما في القطط، فتأثيره يختلف وقد يكون أقل فاعلية عند إعطائه بالطريقة التقليدية.
آلية عمل أبومورفين في جسم القطة
يعتمد أبومورفين على التحفيز المباشر لمستقبلات الدوبامين من النوع D2 الموجودة في المنطقة المحفزة للقيء (Chemoreceptor Trigger Zone – CTZ) في الدماغ. يؤدي هذا التحفيز إلى إرسال إشارات عصبية قوية إلى مركز القيء، مما يسبب تقيؤًا سريعًا.
ومع ذلك، تختلف استجابة القطط عن الكلاب:
- في القطط: الاستجابة أضعف لأن مستقبلات القيء لديها تعتمد بدرجة أكبر على تحفيز مستقبلات ألفا-2 وليس مستقبلات الدوبامين فقط.
- في الكلاب: يكون الدواء فعّالًا جدًا عبر تحفيز مستقبلات الدوبامين، لذلك يظهر تأثيره المقيئ بسرعة.
ومع ذلك، يمكن للقطط الاستجابة للدواء إذا تم إعطاؤه بطريقة ملتحمية (في العين) بدلًا من الحقن، حيث يذكر الدليل الدوائي أن هذه الطريقة قد تُظهر فعالية أفضل في القطط مقارنة بالإعطاء الجهازي .
الاستخدامات العلاجية للدواء ولماذا يُوصف للقطط
يُستخدم أبومورفين في حالات محدودة جدًا للقطط، ويُوصَف فقط في الطوارئ، وتشمل:
- تحفيز التقيؤ عند ابتلاع مواد سامة: إذا تناولت القطة مادة خطرة خلال فترة قصيرة (عادة أقل من ساعتين)، قد يلجأ الطبيب البيطري لاستخدام أبومورفين لتحفيز التقيؤ والمساعدة على إخراج السم قبل امتصاصه.
- كخيار بديل في حال عدم توفر أدوية أخرى: لأن القطط لا تستجيب جيدًا لأبومورفين عبر الحقن، قد يستعمله الطبيب على شكل نقط في العين لتحفيز التقيؤ عند الحاجة وبشكل محسوب.
- في المستشفيات البيطرية فقط: الدواء قوي ويملك احتمالًا للأعراض الجانبية، لذلك لا يُستخدم في المنزل مطلقًا، بل في منشأة بيطرية مجهزة.
طرق إعطاء أبومورفين للقطط
توجد عدة طرق لإعطاء أبومورفين، وتختلف فعاليته في القطط حسب الطريقة:
الإعطاء الجهازي (حقن تحت الجلد أو عبر الوريد)
- غير مفضل في القطط.
- فعاليته أقل بكثير مقارنة بالكلاب.
- قد يسبب أعراضًا عصبية أكثر من تأثيره المقيّئ.
الإعطاء الفموي (حبوب أو شراب)
- غير فعال غالبًا في القطط.
- نادر الاستخدام بسبب ضعف الاستجابة.
الإعطاء عبر العين (عن طريق الملتحمة، الأفضل للقطط)
وهو وضع كمية صغيرة من الدواء في كيس الملتحمة (داخل الجفن السفلي)، وتُعدُّ الطريقة الأكثر فاعلية للقطط، وتفسير ذلك:
- الامتصاص عبر الأوعية الدموية في العين يكون سريعًا.
- الوصول إلى مركز القيء يكون أكثر مباشرة.
الإعطاء كمرهم أو قطرة مهيجة
بعض المراجع تقترح تحضيرات خاصة على شكل قطرات طبية، تُستخدم فقط من قبل طبيب بيطري.
جرعات أبومورفين المناسبة للقطط
جرعات القطط تختلف حسب طريقة الإعطاء، وتُستخدم بحذر شديد بسبب حساسية القطط من الدواء .
الجرعة بالعين (الطريقة الملتحمية — الأكثر شيوعًا للقطط)
- توضع كمية صغيرة جدًا (حوالي 0.03–0.1 مج من المحلول) في كيس الملتحمة.
- تتم مراقبة القطة خلال دقائق للتأكد من بدء التقيؤ.
الإعطاء حقنًا (غير مفضل)
- جرعة منخفضة جدًا 0.02–0.04 mg/kg تحت الجلد أو عبر الوريد.
- قد لا تؤدي إلى تقيؤ فعال.
- تزيد احتمالية ظهور أعراض سمية عصبية.
الإعطاء الفموي
نادر الاستخدام وغير فعال غالبًا، لذلك لا يُوصى به.
ملاحظات مهمة عن الجرعة
- يجب أن يحدّد الجرعة طبيب بيطري فقط.
- تعتمد الجرعة على وزن القطة، حالتها الصحية، عمرها، واستجابة جسمها للدواء.
- القطط الصغيرة أو الهررة أكثر حساسية للدواء.
موانع استعمال أبومورفين عند القطط
في العديد من الحالات قد يسبب الأبومورفين مضاعفات خطيرة:
- عند ابتلاع مواد مسبّبة للتآكل: مثل:
- المنظفات الكيميائية.
- الأحماض.
- القلويات.
- مواد تنظيف الأفران.
- التقيؤ قد يسبب حروقًا إضافية في المريء والفم.
- حالات فقدان الوعي أو ضعف الجهاز العصبي: لأن التقيؤ يمكن أن يؤدي إلى استنشاق محتويات المعدة.
- وجود تشنجات أو تاريخ مرضي عصبي: لأن الدواء قد يزيد تحفيز الجهاز العصبي.
- أمراض القلب أو الجهاز التنفسي.
- بعد مرور أكثر من ساعتين على تناول المادة السامة: لأن التقيؤ لن يكون مفيدًا.
- الحمل أو الإرضاع: إلا إذا كانت فائدة التقيؤ تفوق المخاطر.
الأعراض الجانبية المحتملة وكيفية التعامل معها
قد يسبب الأبومورفين أعراضًا جانبية قوية في القطط، خاصة عند إعطائه حقنًا أو بجرعات غير دقيقة.
أبرز الأعراض الجانبية:
- الخمول أو العكس: فرط النشاط.
- عدم الاتزان الحركي.
- انخفاض ضغط الدم.
- زيادة إفراز اللعاب.
- تورم أو احمرار العين إذا أعطي عبر الملتحمة.
- ارتجاف أو رعشة.
- اضطرابات تنفسية في الحالات الشديدة.
كيف يتعامل الطبيب مع الأعراض؟
- قد يُعطي مضادًا لأبومورفين مثل Naloxone لعكس تأثيراته المركزية.
- عند ظهور تهيّج عيني، تُغسل العين بمحلول ملحي.
- تُعطى أدوية تهدئة عصبية إذا ظهرت أعراض قوية.
نصائح مهمة قبل الاستخدام وبعده
قبل استخدام الدواء
- يجب دائمًا إجراء فحص سريع للقطة لتقدير حالتها العصبية قبل إعطاء الدواء.
- تحديد نوع المادة المبتلعة للتأكد من أن التقيؤ مناسب للحالة.
- التأكد من عدم وجود أمراض قلبية أو عصبية.
- تجهيز معدات الطوارئ في العيادة تحسبًا لظهور أعراض جانبية.
بعد استخدام الدواء
- مراقبة القطة لمدة ساعة كاملة للتأكد من عدم حدوث مضاعفات.
- منع القطة من الأكل لمدة 1–2 ساعة بعد التقيؤ لتجنب تهيج المعدة.
- تقديم سوائل خفيفة أو ماء بعد أن تهدأ القطة.
- إعطاء أدوية وقائية للمعدة إذا رأى الطبيب ضرورة لذلك.
- عدم تكرار الجرعة إلا بقرار بيطري لأن الجرعة الثانية قد تسبب سمية.
أخطاء شائعة عند إعطاء أبومورفين للقطط وكيفية تجنبها
- محاولة استخدام الدواء في المنزل: هذا خطر للغاية، وقد يؤدي إلى تسمم أو مضاعفات مميتة.
- الإفراط في الجرعة: يعدّ أبومورفين من الأدوية ذات التأثير العصبي القوي، والجرعة الزائدة قد تؤدي إلى:
- انهيار عصبي.
- توقف تنفس.
- تشنجات.
- إعطاء الدواء بعد تأخر الوقت: بعد ساعتين من ابتلاع السم يفقد التقيؤ فائدته.
- استخدام الدواء دون معرفة المادة المبتلعة: بعض السموم لا يجب إطلاقًا تحفيز القيء بعدها.
- عدم غسل العين بعد انتهاء التأثير: عند إعطائه عبر الملتحمة يجب غسل العين لاحقًا لتقليل التهيّج.
تحذير مهم
لا يجب بأي حال من الأحوال استخدام أبومورفين أو أي دواء مقيّئ للقطط دون إشراف طبيب بيطري مختص.
هذا الدواء قوي وله تأثيرات مركزية على الدماغ، وقد يؤدي استخدامه الخاطئ إلى مضاعفات خطيرة أو حتى الوفاة.
إذا ابتلعت قطتك مادة سامة، اتصل فورًا بطبيب بيطري أو مركز طوارئ السموم قبل اتخاذ أي خطوة.
المصادر
- Merck Veterinary Manual
- Cornell Feline Health Center
- ASPCA Animal Poison Control Center
- Pet Poison Helpline
- Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)
تنويه طبي
تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.
حول كاتب المقال
د. أحمد محلي
طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.
أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.
شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.
بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.
هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم