يُعد الكلوربرومازين هيدروكلورايد Chlorpromazine HCl أحد أقدم الأدوية المنتمية لعائلة الفينوثيازينات، وهي مجموعة من المهدئات النفسية التي تُستخدم في الطب البشري والبيطري منذ عقود طويلة.
على الرغم من أنّ الدواء ليس من العلاجات الشائعة للقطط مقارنة بأدوية أحدث وأكثر أماناً، إلا أنّه ما زال يُستخدم في بعض الحالات المعينة مثل السيطرة على القيء الشديد، والتهدئة، ومعالجة حالات الحساسية الشديدة أو الاضطرابات السلوكية المؤقتة.
المقال التالي يقدم دليلاً عملياً شاملاً للاستفادة من هذا الدواء بأكثر الطرق أماناً وفعالية، مع توضيح الجرعات، الاستعمالات، التحذيرات، وأخطاء الاستخدام الشائعة، وذلك بلغة مبسّطة ومناسبة للقارئ غير المتخصص.
محتوى المقال
تعريف دواء كلوربرومازين هيدروكلورايد وما هو؟
الكلوربرومازين هو دواء مهدئ و مضاد للقيء و مضاد للهستامين، ينتمي إلى عائلة الفينوثيازينات، وهي أدوية تعمل على تخفيف نشاط الجهاز العصبي المركزي.
ظهر هذا الدواء في بداية الخمسينيات، وكان له دور كبير في علاج الاضطرابات النفسية لدى البشر، ثم انتقلت استخداماته بشكل محدود إلى الطب البيطري.
في القطط، يُستخدم الدواء تحت إشراف بيطري صارم، لأنه يتمتع بتأثيرات قوية وقد يسبب آثاراً جانبية مهمة (خصوصاً الحركية العصبية) ، وذلك ضمن طبيعة الآثار الجانبية للفينوثيازينات والتي قد تشمل اضطرابات حركية مثل خلل الحركة المتأخر (tardive dyskinesia) عند القطط.
ويأتي الدواء عادة على هيئة:
- أقراص.
- شراب.
- حقن عضلية أو وريدية ولا يتوفر عادة على شكل مرهم لعدم مناسبة الفينوثيازينات للتطبيق الموضعي.
آلية عمل الدواء وكيف يؤثر في جسم القطة
يعمل الكلوربرومازين عبر تثبيط مستقبلات الدوبامين في الجهاز العصبي المركزي، وهي نفس الآلية التي تمنحه خصائصه كمهدّئ ومضاد للذهان. إضافة إلى ذلك، يؤثر الدواء على عدة نظم عصبية أخرى، مثل:
- مضادات الهستامين H1 مما يسبب تأثيراً مهدئاً ويخفف من استجابات الحساسية.
- مضادات مستقبلات ألفا α وهذا قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم في بعض الحالات.
- تثبيط المستقبلات الكولينية وهي آلية تسهم في تأثيره المهدئ ومضاد القيء.
- تثبيط مركز القيء في الدماغ ما يجعله فعالاً في حالات القيء الغزير أو المستمر.
لكنّ هذا التأثير المتعدد هو أيضاً سبب ارتفاع احتمالية ظهور آثار جانبية عصبية أو قلبية عند القطط، مقارنة بأدوية أحدث وأقل تأثيراً على الجهاز العصبي.
استخدامات كلوربرومازين هيدروكلورايد العلاجية للقطط ولماذا يتم وصفه؟
على الرغم من أنه ليس الدواء الأول المفضل حالياً، إلا أنّ الكلوربرومازين قد يُستخدم في المواقف التالية:
- السيطرة على القيء الشديد: خصوصاً القيء المرتبط بدوار الحركة أو الغثيان الناتج عن حالات مرضية في الجهاز الهضمي.
- التهدئة قبل الفحوصات أو الإجراءات الطبية: يستخدمه بعض الأطباء كخيار لتهدئة القطط التي تعاني من قلق شديد، ولكن بحذر.
- حالات الحساسية الشديدة: بسبب تأثيره كمضاد للهستامين، وإن كان هذا الاستخدام أقل شيوعاً مقارنة بأدوية أخرى.
- مساعد علاجي في التخدير: قد يُستخدم ضمن بروتوكولات التهدئة قبل التخدير لدى بعض الأطباء الجراحيين.
- تقليل التوتر والسلوك العدواني المؤقت: عندما تكون القطة في حالة انزعاج شديد يحتاج إلى تدخل دوائي سريع.
ومع ذلك، يجب التأكيد أن استخدامه في القطط يتم عادة بشكل محدود وتحت إشراف متخصص، لأن القطط أكثر حساسية من الكلاب تجاه تأثيرات الفينوثيازينات.
طرق إعطاء الدواء للقطط
تتنوع أشكال الدواء المتاحة، لذا تختلف طرق إعطائه للقطة:
الأقراص
- تُعطى مباشرة في فم القطة أو تُخفى داخل طعام رطب.
- من الضروري التأكد أن القطة تبلع القرص بالكامل.
- قد يُقسّم القرص حسب الجرعة التي يحددها الطبيب.
الشراب
- يُعطى عبر محقنة فموية.
- خيار أسهل إذا كانت القطة صعبة في تناول الأقراص.
- يجب هزّ العبوة جيداً قبل الاستخدام.
الحقن
- تُعطى عضلياً أو وريدياً حسب رغبة الطبيب.
- تستخدم غالباً في الحالات التي تتطلب تأثيراً سريعاً.
- لا يجب أبداً حقن الدواء في المنزل دون تدريب وخبرة.
لا يُنصح باستخدام أي شكل دوائي لم يُوصف من قبل الطبيب، فالتراكيز تختلف بين المنتجات البشرية والبيطرية.
الجرعات المناسبة للقطط
تختلف الجرعة في القطط حسب:
- وزن القطة.
- عمرها.
- حالتها الصحية.
- شدة القيء أو الحاجة للتهدئة.
أدوية الفينوثيازينات مثل الكلوربرومازين يجب استخدامها بحذر شديد في القطط بسبب حساسيتها العالية للآثار العصبية والحركية، بما في ذلك احتمال حدوث خلل الحركة المتأخر (tardive dyskinesia).
الجرعات الشائعة (تقديرية وتحت إشراف بيطري فقط)
- عن طريق الفم: 0.5 إلى 1 مجم/كجم كل 8–12 ساعة.
- الحقن العضلي: 0.25–0.5 مجم/كجم.
- الحقن الوريدي: يحدده الطبيب بدقة ويعطى ببطء شديد.
لا ينبغي أبدًا تعديل الجرعة دون استشارة طبيب بيطري، خصوصاً أن القطط أكثر حساسية لتهدئة الجهاز العصبي من غيرها.
موانع الاستعمال والحالات التي يجب تجنب العلاج فيها
يجب الامتناع عن استخدام كلوربرومازين هيدروكلورايد في الحالات التالية:
- القطط التي لديها انخفاض ضغط الدم: لأن الدواء قد يسبب توسع الأوعية وانخفاض الضغط.
- أمراض الكبد: الفينوثيازينات تُستقلب في الكبد، وأي قصور قد يزيد من سمّية الدواء.
- أمراض القلب: خصوصاً اضطراب نظم القلب.
- الحمل والرضاعة: لا توجد بيانات كافية حول أمانه.
- القطط المصابة بنوبات أو صرعالدواء قد يخفض عتبة النوبات.
- الحساسية تجاه الفينوثيازينات: وذلك يشمل أدوية مثل: promazine, acepromazine.
- الاستخدام المتزامن مع مهدئات قوية: لأنه قد يضاعف تأثيرها ويسبب تثبيطاً عميقاً للجهاز العصبي.
التأثيرات الجانبية المحتملة وكيفية التعامل معها
بالاعتماد على خصائص الفينوثيازينات، والتي قد تسبب اضطرابات حركية مثل تارديف ديسكاينيزيا عند القطط ، يمكن تلخيص أهم الآثار الجانبية كما يلي:
آثار جانبية شائعة
- نعاس شديد.
- انخفاض ضغط الدم.
- دوخة وفقدان التوازن.
- انخفاض درجة حرارة الجسم.
- جفاف الفم.
- فقدان الشهية.
آثار جانبية أقل شيوعاً لكنها خطيرة
- اضطرابات حركية (اللسان، الفم، الحركات اللاإرادية).
- رجفان أو تشنجات.
- صعوبة التنفس.
- حساسية حادة.
- اضطرابات في نظم القلب.
- اكتئاب تنفسي.
كيفية التعامل مع الآثار الجانبية
- إيقاف الدواء فوراً عند ظهور أعراض عصبية غير طبيعية.
- تدفئة القطة إذا ظهر انخفاض في الحرارة.
- توفير بيئة هادئة حتى يزول تأثير التهدئة.
- مراجعة الطبيب فوراً في حال القيء المستمر، التشنجات، أو الارتباك الشديد.
نصائح مهمة قبل الاستخدام وبعده
- قياس وزن القطة بدقة لضمان صحة الجرعة.
- عدم خلط الدواء مع أدوية أخرى دون استشارة.
- منع وصول القطة إلى أماكن مرتفعة بعد تناول الدواء بسبب فقدان التوازن.
- تقديم كمية مياه كافية لأن الدواء قد يسبب جفافاً بسيطاً.
- مراقبة نشاط القطة لمدة 6–12 ساعة بعد الجرعة.
- عدم قيادة السيارة أو السفر مع القطة مباشرة بعد إعطاء الدواء.
- في حال التخدير أو الإجراء الجراحي، يجب إبلاغ الطبيب أن القطة تناولت الكلوربرومازين.
أخطاء شائعة عند إعطاء الدواء وكيفية تجنبها
- إعطاء جرعة بشرية للقطة: تراكيز الأدوية البشرية تختلف وقد تكون سامة.
- تكرار الجرعة قبل موعدها: لأن تأثير الدواء طويل نسبياً، مما يزيد من خطر التسمم.
- عدم مراقبة القطة بعد الجرعة: قد تظهر آثار جانبية تتطلب تدخلاً سريعاً.
- إعطاء الدواء لقطط مريضة كبدياً أو قلبياً: وهو خطأ قد يكون قاتلاً.
- مزج الدواء بالطعام ثم عدم التأكد أن القطة أكلت كل الوجبة: فقد تتناول جرعة غير كاملة أو تزيد الجرعة سهواً.
- استخدامه كعلاج سلوكي طويل المدى: وهو غير مخصص لذلك وقد يسبب آثاراً عصبية تراكمية.
تحذير
لا يجوز استخدام كلوربرومازين هيدروكلورايد للقطط دون وصفة من طبيب بيطري مختص، لأن القطط حساسة جداً للفينوثيازينات، ولأن الجرعات الخاطئة يمكن أن تسبب آثاراً عصبية خطيرة، مثل اضطرابات الحركة (tardive dyskinesia).
إنّ أي دواء مهدئ أو مضاد للقيء يجب أن يُعطى وفق تقييم طبي كامل يشمل التاريخ المرضي، والحالة الصحية، والأدوية الأخرى التي تتناولها القطة.
المصادر
- Merck Veterinary Manual
- Cornell Feline Health Center
- ASPCA Animal Poison Control Center
- Pet Poison Helpline
- Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)
تنويه طبي
تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.
حول كاتب المقال
د. أحمد محلي
طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.
أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.
شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.
بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.
هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم