يُعد دواء دوكسابن Doxepin HCl أحد الأدوية النفسية-السلوكية المهمة المستخدمة في الطب البيطري، وخاصة في علاج اضطرابات السلوك والمشاكل الجلدية المرتبطة بالعوامل النفسية لدى القطط.
على الرغم من أنّه دواء بشري في الأصل، إلا أنّه يجد تطبيقات واسعة في الطب البيطري بفضل تأثيراته المتعددة على الجهاز العصبي والجسم.
سنستعرض في هذا المقال جميع الجوانب العلمية والعملية المتعلقة بالدواء، بدءاً من تعريفه وآلية عمله، مروراً باستخداماته وجرعاته، وصولاً إلى المحاذير والآثار الجانبية.
محتوى المقال
ما هو دواء دوكسابن؟
يُصنّف دواء دوكسابن على أنّه مضاد اكتئاب ثلاثي الحلقات (Tricyclic Antidepressant – TCA)، كما يمتلك خواصاً مضادة للهستامين (H1-antihistamine) وخواصاً مضادة للكولين بالإضافة إلى تأثيرات خفيفة على مستقبلات ألفا-الأدرينالية.
يظهر الدواء عادة على شكل مسحوق أبيض قابل للذوبان في الكحول، ويتوفّر بأشكال صيدلانية بشرية فقط مثل الكبسولات والمحلول الفموي.
الاسم التجاري الشائع له هو Sinequan®، كما يرد بأسماء أخرى مثل Adapin®، Deptran®، Mareen® وغيرها.
آلية عمل الدواء وكيف يؤثر في جسم القطة
يعتمد تأثير دوكسابن على عدة آليات مجتمعة، أهمها:
- تثبيط استرجاع النواقل العصبية (Reuptake Inhibition): يقوم الدواء بإعاقة إعادة امتصاص النورأدرينالين والسيروتونين من المشابك العصبية، مما يزيد تركيزها ويعزز تأثيرها في الدماغ. هذا يساهم في تحسين الاضطرابات السلوكية المرتبطة بالقلق والتوتر.
- تأثيراته المضادة للهستامين: يمتلك الدواء فعالية قوية كمضاد لمستقبلات الهستامين H1، مما يمنحه دوراً في تخفيف الحكة الجلدية المرتبطة ببعض أنواع التهاب الجلد.
- تأثيراته المضادة للكولين: يعطل نشاط مستقبلات الأستيل كولين، وهذا قد يفسر بعض الآثار الجانبية مثل جفاف الفم وتسارع القلب.
- تأثيرات على مستقبلات ألفا-الأدرينالية: قد يسبب توسعاً في الأوعية وانخفاضاً خفيفاً في ضغط الدم. تظهر فعاليته بعد أسابيع من الاستخدام، خصوصاً في المشاكل السلوكية التي تحتاج لفترة طويلة لحدوث التحسن.
استخدامات دواء دوكسابن للقطط ولماذا يتم وصفه
الاضطرابات السلوكية المرتبطة بالقلق
يُعد الاستخدام الأبرز للدواء في القطط هو التعامل مع المشاكل السلوكية المرتبطة بالتوتر، ومنها:
- اللعق المفرط (Overgrooming).
- التهابات الجلد النفسية (Psychogenic Dermatitis).
- السلوك العدواني المرتبط بالقلق.
- الحالات الخوفية أو الفوبيا.
- السلوكيات القهرية (Compulsive Behaviors) مثل قضم الذيل أو العض المتكرر.
وقد وردت جرعات متعددة للقطط لعلاج الاضطرابات السلوكية وفقاً لعدة دراسات سريرية.
علاج الحكة الجلدية
بسبب تأثيره المضاد للهستامين، قد يُستخدم الدواء لتخفيف:
- الحكة الجلدية.
- التهيجات الناتجة عن حساسية جلدية.
ومع أنه فعّال في بعض الحالات، إلا أنّ المراجع الوائية البيطرية تشير إلى أنّ فعاليته في الحساسية الجلدية (Atopic Dermatitis) محدودة وغير مضمونة.
دعم علاج متلازمة الجهاز البولي السفلي للقطط (FLUTD)
يُستخدم الدواء ليلاً في بعض الحالات لتخفيف التوتر المرتبط بانتكاسات المرض، وأحياناً لتحسين جودة النوم واسترخاء القطط المصابة. إذ يتم وصف جرعات ليلية منخفضة لتحقيق تأثير مهدئ خفيف.
طرق إعطاء دواء دوكسابن للقطط
يتوفر الدواء على هيئة:
- كبسولات فموية بتركيزات: 10، 25، 50، 75، 100، 150 ملغ.
- محلول فموي بتركيز: 10 ملغ/مل.
طريقة الإعطاء:
- الإعطاء عن طريق الفم (PO): وهو الشكل الوحيد المستخدم في القطط. يُعطى مرة واحدة يومياً أو مرتين حسب الحالة.
- لا توجد صيغة حقنية بيطرية أو مراهم جلدية مخصصة للقطط.
- يمكن خلط الجرعة مع كمية صغيرة من الطعام، لكن يُفضّل إعطاؤه مباشرة لضمان الجرعة الكاملة.
جرعات دوكسابن للقطط
تختلف الجرعة حسب الحالة:
الاضطرابات السلوكية (سلوك قهري – قلق – عدوانية)
- 0.5 – 2 mg/kg كل 12–24 ساعة. البداية تكون عادة 0.5 mg/kg ثم الزيادة عند الحاجة.
- جرعات أخرى ثابتة حسب العديد من الدراسات: 5–10 mg لكل قطة مرة يومياً.
الحكة الجلدية (Pruritus)
5–10 mg لكل قطة يومياً أو 2.5–7.5 mg لكل قطة مرة أو مرتين يومياً. وعند التوقف يجب تقليل الجرعة تدريجياً خلال 1–3 أسابيع.
علاج FLUTD (دعم سلوكي)
2.5–12.5 mg مرة يومياً مساءً. تُعد الجرعة حسب استجابة القطة ومدى حاجتها للتهدئة.
نقاط مهمة حول الجرعات
- الاستجابة قد تحتاج 3–4 أسابيع.
- عند التحسن يستمر العلاج 1–2 شهر إضافي لضمان ثبات النتائج.
- لا يُوقف فجأة بل يتم الفطام التدريجي.
موانع الاستعمال والحالات التي يجب تجنب إعطاء الدواء فيها
- الحساسية أو التحسس من مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات.
- الاستخدام المتزامن مع مثبطات مونوأمين أوكسيداز (MAOIs) مثل selegiline.
- يجب الحذر في القطط التي تعاني من:
- الزَرَق (Glaucoma).
- احتباس البول.
- اضطرابات القلب.
- نوبات صرع.
- الحذر الشديد في القطط الحوامل أو المرضعات بسبب انتقال الدواء في الحليب.
الآثار الجانبية المحتملة
الدواء قد يسبب مجموعة من الآثار، بعضها شائع وبعضها نادر:
آثار شائعة
- الخمول أو النعاس.
- جفاف الفم.
- اضطرابات هضمية مثل قيء أو غثيان.
- تغيرات في الشهية.
آثار أقل شيوعاً لكنها خطيرة
- اضطرابات نظم القلب (Arrhythmias)، خاصة عند الجرعات الزائدة.
- هياج أو فرط نشاط.
- رجفات عضلية.
- صعوبة تبول في حال وجود ميل لاحتباس البول.
تمّ تسجيل إمكانية حدوث انهيار قلبي تنفسي في حالات الجرعة العالية جداً.
كيفية التعامل مع الآثار الجانبية
- عند ظهور الخمول الشديد: مراجعة الطبيب لتعديل الجرعة.
- عند ظهور أعراض هضمية: إعطاء الدواء مع الطعام.
- عند ظهور أعراض عصبية أو قلبية: ضرورة مراجعة الطوارئ فوراً.
- لا يتم إيقاف الدواء دفعة واحدة بل تدريجياً.
نصائح مهمة قبل الاستخدام وبعده
- يجب تقييم الحالة من قبل طبيب بيطري قبل البدء بالعلاج.
- يُفضّل إجراء فحص شامل خاصة للقلب والكلى والكبد.
- مراقبة القطة خلال الأسابيع الأولى من العلاج.
- الالتزام بالجرعات وعدم تجاوزها.
- إبعاد الدواء عن متناول الأطفال والحيوانات الأخرى لأنه مصنف ضمن الأدوية التي يجب حفظها بحذر.
- في الحالات السلوكية، يجب دمج العلاج الدوائي مع تعديل السلوك لتحسين النتائج.
- عند الحاجة لإيقاف الدواء، يتم التوقف تدريجياً لتجنب الانتكاس.
أخطاء شائعة عند إعطاء الدواء وكيفية تجنبها
- إعطاء الدواء دون استشارة بيطرية: قد يؤدي لجرعات غير مناسبة أو تداخلات خطيرة مع أدوية أخرى.
- تغيير الجرعة ذاتياً دون الرجوع للطبيب: حتى الزيادة البسيطة قد تسبب أعراضاً جانبية خطيرة.
- إيقاف الدواء فجأة: هذا خطأ شائع يؤدي لظهور أعراض انسحابية أو انتكاس الحالة.
- استخدام الكبسولات البشرية دون تقسيم مناسب: الكبسولات كبيرة وقد تحتوي جرعات مرتفعة لا تناسب القطط.
- تجاهل الآثار الجانبية الأولية: الخمول الشديد أو فقدان الشهية قد يحتاج لتعديل فوري.
تحذير
لا يجب استخدام دواء دوكسابن أو أي دواء نفسي-سلوكي للقطط دون استشارة طبيب بيطري مختص.
فالدواء يؤثر على الجهاز العصبي والقلب، وقد يؤدي سوء استخدامه إلى مضاعفات خطيرة.
المصادر
- Merck Veterinary Manual
- Cornell Feline Health Center
- ASPCA Animal Poison Control Center
- Pet Poison Helpline
- Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)
تنويه طبي
تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.
حول كاتب المقال
د. أحمد محلي
طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.
أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.
شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.
بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.
هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم