سيبروهيبتادين هيدروكلورايد: فاتح شهية للقطط

يُعد دواء سيبروهيبتادين هيدروكلورايد واحداً من الأدوية واسعة الاستخدام في طب القطط، ويُعرف بدوره المهم في فتح شهية القطط التي تعاني من نقص الوزن أو فقدان الشهية، إضافة إلى دوره كمضاد للهيستامين في حالات الحساسية الجلدية.

على الرغم من أنّ استعماله شائع في الطب البيطري، إلا أنّ معلوماته ليست متداولة بشكل كافٍ باللغة العربية، مما يجعل الكثير من المربين غير مدركين لطبيعته، طريقة تأثيره، وفوائده ومخاطره المحتملة.

ما هو دواء سيبروهيبتادين هيدروكلورايد؟

سيبروهيبتادين (Cyproheptadine HCl) هو دواء مضاد للهيستامين يُستخدم في الأصل لعلاج الحساسية في البشر. لكن بفضل خصائصه الدوائية المميزة، أصبح يُستخدم أيضاً في الطب البيطري، خصوصاً مع القطط.

ينتمي الدواء إلى مجموعة مضادات الهيستامين من الجيل الأول، والتي تتميّز بتأثيرات مهدِّئة، إلا أنّ سيبروهيبتادين يتميز أيضاً بقدرته على مقاومة تأثير السيروتونين في الدماغ، وهو ما يُسهم بشكل كبير في تحفيز الشهية لدى القطط بدرجة تفوق معظم الأدوية الأخرى.

يأتي الدواء عادةً على شكل أقراص فموية، وهو الشكل الأكثر تداولاً، ولا يتوفر في صورة حقن أو مراهم للاستخدام البيطري.

آلية عمل الدواء وتأثيره في جسم القطة

تظهر فعالية سيبروهيبتادين من خلال آليتين رئيسيتين:

مضاد للهيستامين (H1 Antagonist)

الهيستامين هو مادة يفرزها الجسم عند التعرض لمسببات الحساسية، ويسهم في حدوث الحكة، التهيج، والالتهابات الجلدية. يعمل سيبروهيبتادين على منع ارتباط الهيستامين بمستقبلاته، مما يقلل من أعراض الحساسية لدى القطط مثل:

• الحكة الشديدة.
• الالتهابات الجلدية.
• حساسية لدغات الحشرات.
• فرط العطس أو تهيج الجهاز التنفسي.

مضاد للسيروتونين ومحفز للشهية (Serotonin Antagonist)

يمتلك السيبروهيبتادين خاصية فريدة وهي معاكسة مستقبلات السيروتونين في الدماغ.

ولأن السيروتونين يلعب دوراً في تنظيم الشهية، فإن تثبيط تأثيره يؤدي إلى:

• زيادة الإحساس بالجوع.
• تحسين الرغبة في تناول الطعام.
• رفع مستوى الطاقة عند القطط ضعيفة الشهية.

هذا التأثير هو السبب الأساسي وراء وصفه للقطط التي تعاني من فقدان الشهية المزمن أو المرتبط بأمراض معينة.

الاستخدامات العلاجية للدواء ولماذا يتم وصفه للقطط

يُستخدم سيبروهيبتادين في القطط لعدة حالات محددة، أهمها:

فتح الشهية (Appetite Stimulant)

ويُعد هذا الاستخدام الأكثر شيوعاً. فالقطط غالباً ما تفقد شهيتها بسهولة بسبب:

• التوتر أو تغيّر البيئة.
• أمراض الكبد.
• أمراض الكلى.
• العدوى الفيروسية.
• الأمراض المزمنة.
• الألم أو الأدوية الأخرى.

استخدام سيبروهيبتادين قد يكون منقذاً للحياة، لأن القطط إذا توقفت عن الأكل لفترات طويلة يمكن أن تُصاب بمرض كبدي خطير يسمى التشحّم الكبدي (Hepatic Lipidosis).

علاج الحساسية الجلدية

يخفف من:

• احمرار الجلد.
• الحكة المستمرة.
• التهاب الجلد التحسسي.
• تهيّج الجلد الناتج عن لدغات البراغيث.

علاج بعض اضطرابات السلوك المتعلقة بالشهية

في حالات القطط التي تعاني من فقدان الشهية السلوكي أو القلق، يمكن أن يساعد الدواء على جعل القطة أكثر إقبالاً على الطعام.

طرق إعطاء الدواء للقطط

دواء سيبروهيبتادين غالباً ما يتوفر على شكل:

أقراص فموية (Tablets)

وهو الشكل الأكثر استخداماً. يمكن إعطاء القرص كاملاً أو تقسيمه حسب الجرعة المقررة.

من الممكن مزج الجرعة مع طعام رطب أو تقديمها داخل قطعة طعام مفضلة إذا كانت القطة ترفض أخذ الدواء مباشرة.

تركيبات دوائية محضّرة من قِبل الصيدليات (Compounded Formulations)

بعض الصيدليات البيطرية يمكنها تحضير:

• شراب منكّه.
• كبسولات صغيرة الحجم.
• معجون فموي.

ليصبح إعطاء الدواء أسهل للقطط التي ترفض تناول الأقراص.

ملاحظة مهمة: لا تتوفر حقن أو مراهم بيطرية جاهزة للدواء، وبالتالي تبقى الأقراص أو التركيبات الصيدلانية المخصصة هي الخيار الوحيد.

الجرعات المناسبة للقطط

الجرعة الشائعة للقطط هي 2 ملغ لكل قطة عن طريق الفم كل 12 ساعة (مرتين يومياً).

اختلاف الجرعة حسب وزن وعمر القطة

• القطط الصغيرة (أصغر من 6 أشهر): يجب أن يقرر الطبيب الجرعة بسبب حساسية الصغار للأدوية المهدئة.
• القطط البالغة متوسطة الحجم (3–5 كغ): غالباً ما تكون الجرعة القياسية (2 ملغ مرتين يومياً) مناسبة.
• القطط الأكبر أو الثقيلة (>6 كغ): قد يرفع الطبيب الجرعة قليلاً حسب الاستجابة، لكن غالباً لا تتجاوز الجرعة المعتادة.
• القطط المصابة بأمراض الكبد أو الكلى: يتم خفض الجرعة لتقليل العبء على عملية الاستقلاب.

مدة العلاج

يعتمد ذلك على الحالة:

• فتح الشهية: من يومين إلى أسبوع.
• الحساسية الجلدية: قد يمتد العلاج عدة أسابيع حسب الشدة.
• الأمراض المزمنة: قد يستمر العلاج لفترة أطول تحت إشراف بيطري.

موانع الاستعمال والحالات التي يجب تجنب إعطاء الدواء فيها

رغم فعاليته، لا يناسب السيبروهيبتادين كل القطط. يجب تجنب استخدامه في الحالات التالية:

• القطط المصابة بالجلوكوما (ارتفاع ضغط العين): لأن الدواء قد يزيد الضغط داخل العين.
• القطط التي تعاني من احتباس البول: خاصة الذكور المصابين بمشاكل المسالك البولية.
• فرط النشاط الدرقي (Hyperthyroidism): قد يتعارض مع أدوية أخرى أو يزيد بعض الأعراض.
• أمراض الكبد الشديدة: لأن الدواء يستقلب في الكبد.
• الحمل والرضاعة: لا توجد دراسات كافية حول سلامته.
• عند استخدام أدوية أخرى تسبب النعاس: مثل المهدئات، البنزوديازيبينات، أو المسكنات القوية.

التأثيرات الجانبية المحتملة وكيفية التعامل معها

يُعد السيبروهيبتادين آمنًا نسبيًا عند استخدامه بالجرعات الموصى بها، لكن قد تظهر بعض الآثار الجانبية، أهمها:

• النعاس أو الخمول: وهو الأكثر شيوعاً بسبب تأثيره المهدئ البسيط.
• تأثيرات مضادة للكولين (Anticholinergic Effects): وقد تشمل:
  • جفاف الفم.
  • جفاف العين.
  • إمساك.
  • صعوبة في التبول.
• زيادة الشهية بشكل مفرط: يجب مراقبة وزن القطة لمنع السمنة.
• تهيّج الجهاز الهضمي: مثل الاستفراغ أو الإسهال.

كيف تتعامل مع هذه التأثيرات؟

• في حال ظهور نعاس شديد: خفّض الجرعة بالتشاور مع الطبيب.
• إذا ظهرت صعوبة في التبول: أوقف الدواء فوراً واطلب المساعدة الطبية.
• إذا حدث قيء أو إسهال مستمر: قد يكون من الأفضل تعديل الجرعة أو تغيير الدواء.

نصائح مهمة قبل الاستخدام وبعده

قبل إعطاء الدواء

• اعرف وزن القطة بدقة.
• أخبر الطبيب بجميع الأدوية الأخرى التي تتناولها القطة.
• راقب أي علامات لاحتباس البول أو مشاكل عيون.
• تأكد أن القطة لا تعاني من حساسية سابقة لمضادات الهيستامين.

أثناء الاستخدام

• قدّم الماء بكميات كافية بسبب جفاف الفم المحتمل.
• راقب الشهية يومياً.
• راقب مستوى النشاط والتبول.
• استخدم الدواء في نفس الوقت يومياً لثبات المفعول.

بعد بدء العلاج

• اتصل بالطبيب إذا لم تتحسن الشهية خلال 48–72 ساعة.
• إذا لاحظت تغيّرًا سلوكيًا غير معتاد، توقف عن الدواء فوراً.
• لا ترفع الجرعة من تلقاء نفسك حتى إذا لم يتحسن الوضع.

أخطاء شائعة عند إعطاء سيبروهيبتادين للقطط وكيفية تجنبها

• إعطاء جرعة زائدة: يؤدي إلى خمول شديد وربما مضاعفات خطيرة. لذلك يجب الالتزام الصارم بجرعة 2 ملغ لكل قطة كل 12 ساعة أو حسب وصف الطبيب.
• خلط الدواء مع أدوية أخرى مهدّئة: قد يسبب تثبيطاً مفرطاً للجهاز العصبي. لذلك يجب إعلام الطبيب بكل الأدوية التي تتناولها القطة.
• إعطاء الدواء دون تشخيص: خصوصاً في حالات فقدان الشهية، لأنه قد يخفي أعراض مرض خطير.
• التوقف المفاجئ عن الدواء: لا يسبب انسحاباً خطيراً، لكن قد تعود الأعراض بسرعة. لذلك يجب استشارة الطبيب قبل التوقف.
• استخدام تركيبات بشرية غير مناسبة: بعض الأقراص البشرية قد تحتوي على مواد خطيرة للقطط.

تحذير مهم

لا يجب استخدام دواء سيبروهيبتادين HCl أو أي دواء آخر للقطط دون استشارة طبيب بيطري مؤهل.

حتى الأدوية التي تبدو بسيطة قد تكون خطيرة إذا أُعطيت في ظروف غير مناسبة أو مع أدوية أخرى. يعتمد الطبيب البيطري على الفحص السريري وتحاليل الدم لتحديد الجرعة المناسبة وحماية قطتك من أي مضاعفات.

المصادر

• Merck Veterinary Manual
• Cornell Feline Health Center
• ASPCA Animal Poison Control Center
• Pet Poison Helpline
• Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)

تنويه طبي

تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.

حول كاتب المقال

د. أحمد محلي

طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.

أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.

شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.

بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.