يعد ليفاميزول Levamisole أحد الأدوية المضادة للطفيليات المستخدمة منذ عقود في المجال البيطري، ويصنّف ضمن مجموعة الأدوية المضادة للديدان الأسطوانية (Antinematodal).
على الرغم من أن استعماله شائع في الحيوانات الكبيرة مثل الأبقار والأغنام والماعز، إلا أنه يُستخدم في بعض الحالات الخاصة في الحيوانات الصغيرة، بما في ذلك القطط، ولكن بشكل نادر وبحذر شديد، نظراً لآثاره الجانبية واحتمالية حدوث سمّية عند تجاوز الجرعة أو عدم ملاءمتها للحالة الصحية. لذلك الدواء يُستخدم في الحيوانات الصغيرة بشكل غير متكرر وأن له آثاراً جانبية عديدة تستدعي الانتباه عند وصفه.
ورغم أن معظم استخدامات ليفاميزول تتعلق بعلاج الطفيليات الداخلية، إلا أن الدراسات البيطرية لاحظت أن للدواء تأثيراً إضافياً يتمثل في تحفيز الجهاز المناعي لدى بعض الحيوانات، وذلك عبر آليات خلوية معقدة تتضمن تنشيط الخلايا اللمفاوية T وخلايا البلعمة (macrophages) وتحسين القدرة المناعية.
في هذا المقال، نعرض بشكل علمي مبسّط كل ما يحتاج المربي معرفته حول ليفاميزول، بدءاً من تعريف الدواء، وصولاً إلى آلية عمله، استخداماته المحتملة في القطط، الجرعات، الاحتياطات، المخاطر، الأخطاء الشائعة، ونصائح مهمة قبل الاستخدام وبعده.
محتوى المقال
ما هو ليفاميزول؟
ليفاميزول هو دواء مضاد للديدان ينتمي إلى فئة imidazothiazole، ويعمل بشكل أساسي على القضاء على أنواع متعددة من الديدان الأسطوانية (Nematodes).
يستخدم ليفاميزول في الأساس في الحيوانات الكبيرة مثل الأبقار والأغنام والماعز، وكذلك في الخنازير والدواجن لـ:
- مضاد للديدان الأسطوانية.
- محفّز مناعي يمكن استخدامه في حالات معينة.
- ضيق مجال الأمان مما يجعل استخدامه في الحيوانات الصغيرة أقل شيوعاً.
- إحداثه لآثار جانبية متعددة يستوجب استخدامه فقط عند الضرورة وتحت إشراف بيطري صارم.
ويتوفر عادة على شكل:
- محلول حقن.
- محلول فموي.
- بودرة قابلة للخلط مع الماء في بعض التركيبات.
- أقراص، وإن كانت أقل استخداماً في القطط.
آلية عمل ليفاميزول وكيف يؤثر في جسم القطة
يعمل ليفاميزول عبر آليتين رئيسيتين، الأولى ضد الطفيليات والثانية كمنشّط مناعي:
آلية عمله ضد الديدان
يعمل ليفاميزول كعامل سام عصبي عصبي-عضلي لدى الديدان، حيث يقوم بـ:
- تحفيز العقد العصبية الطفيلية في الجرعات العلاجية.
- التداخل مع عمليات التمثيل الغذائي للطفيليات في الجرعات الأعلى، مثل تثبيط الاختزال الفوماراتي والأكسدة السكسيناتي.
- إحداث شلل كامل في جسم الديدان بحيث يتم طردها من الجسم وهي حية دون أن تتمكن من التمسك بالأمعاء. إضافة إلى أن تأثيره مشابه لتأثير النيكوتين على المستقبلات العصبية، مما يؤدي إلى شلل الدودة وفقدانها القدرة على التمسك والالتصاق.
آلية تأثيره كمحفّز مناعي
يمتلك ليفاميزول قدرة على تحسين وظائف الخلايا المناعية عبر:
- تنشيط الخلايا اللمفاوية T.
- تحفيز البلعمة والالتقام لدى الخلايا المناعية الكبيرة (monocytes – macrophages).
- زيادة حركة الخلايا المتعادلة (neutrophils).
- تحسين الاستجابة المناعية الخلوية في الحيوانات المثبطة مناعياً، الآلية الدقيقة غير مفهومة بالكامل، لكنها مثبتة في دراسات متعددة على الحيوانات الكبيرة والحيوانات الصغيرة على حد سواء.
استخدامات ليفاميزول في القطط ولماذا يتم وصفه
رغم محدودية استخدام الدواء في القطط، فإن الطبيب البيطري قد يلجأ إليه في حالات خاصة تشمل:
علاج بعض أنواع الديدان الأسطوانية
قد يُستخدم في حالات الإصابة الشديدة بالديدان المعوية عندما تكون الخيارات الأخرى غير مناسبة، رغم أن الأدوية الأخرى مثل البرازيكوانتيل أو البيرنتيل غالباً ما تكون الخيار الأفضل والأكثر أماناً.
محفّز مناعي في أمراض محددة
في حالات النقص المناعي أو الأمراض المزمنة التي تضعف الجهاز المناعي، قد يُستخدم ليفاميزول كمحفّز مناعي، خصوصاً عندما تهدف الخطة العلاجية إلى:
- تقوية الاستجابة المناعية.
- تحسين قدرة الجسم على مواجهة العدوى.
- دعم العلاج في حالات الأورام أو الالتهابات المزمنة (بشكل محدود وغير شائع).
حالات خاصة جداً تحت الإشراف البيطري
ليفاميزول غير مناسب للقطط المصابة بفيروس نقص المناعة القططية FIV أو فيروس التهاب الصفاق FIP، و”غالباً غير فعّال” في القطط المصابة بفيروس اللوكيميا القططية FeLV ، مما يبرز ضرورة فحص الحالة الصحية قبل استخدامه.
طرق إعطاء الدواء للقطط
يمكن إعطاء ليفاميزول للقطط عبر عدة أشكال دوائية، لكن يجب التأكيد أن استخدامه غير شائع، ويُعطى فقط تحت إشراف بيطري.
الإعطاء الفموي (شراب أو محلول)
وهو الشكل الأكثر أماناً نسبياً، ويتم امتصاصه جيداً عبر الجهاز الهضمي. تساعد هذه الطريقة الطبيب على التحكم بالجرعة بدقة، وتجنب مخاطر الحقن.
الحقن تحت الجلد أو العضلي
لا يُنصح باستخدام الحقن في القطط إلا عند الضرورة القصوى، لأن المراجع الدوائية البيطرية تشير إلى أن الحقن قد يسبب:
- ألم موضعي.
- تورّم.
- ردود فعل عصبية.
- زيادة احتمال السمية، لذلك الإعطاء الوريدي ممنوع تماماً لأنه شديد الخطورة وقد يسبب وفاة مفاجئة.
الاستخدام الموضعي
يُمتص الدواء عبر الجلد لدى بعض الحيوانات، لكن هذا النوع من الاستخدام غير شائع إطلاقاً في القطط.
الجرعات المناسبة للقطط
لا يوجد جرعة محددة معتمدة للقطط، لأن استعمال الدواء في القطط قليل وغير شائع، ولأن الدواء ذو هامش أمان ضيق. لكن الوثائق تشير إلى:
- الدواء نادر الاستخدام في الحيوانات الصغيرة بسبب السمية المحتملة.
- القطط أظهرت آثاراً جانبية واضحة عند استخدامه، حتى بجرعات علاجية، مثل فرط اللعاب واتساع الحدقة والقيء.
لذلك فإن تحديد الجرعة يتم حصراً من قبل الطبيب البيطري بعد تقييم الفوائد مقابل المخاطر، وتُعد الجرعة الفردية مبنية على:
- وزن القطة.
- عمرها.
- حالتها الصحية.
- وظيفة الكلى والكبد.
- وجود أمراض فيروسية (FIV – FeLV – FIP).
موانع الاستعمال والحالات التي يجب تجنب إعطاء الدواء فيها
هناك مجموعة من موانع الاستخدام والاحتياطات، أبرزها:
- القطط المصابة بفيروس نقص المناعة FIV أو التهاب الصفاق FIP، فاليفاميزول “مضاد استطباب” في القطط المصابة بهذه الأمراض، و”غير فعال” غالباً في القطط المصابة بفيروس اللوكيميا FeLV.
- القطط الضعيفة أو المنهكة أو المصابة بفشل كبدي أو كلوي لأن الدواء قد يفاقم الحالة أو يسبب سمية.
- الحمل والرضاعة: استخدامه أثناء الحمل قد يسبب مخاطر على الجنين، وأنه يُفرز في الحليب لدى الأبقار، مما يستوجب الحذر الشديد في القطط الحوامل أو المرضعات.
- الاستخدام المتزامن مع أدوية مشابهة مثل البيرانتيل أو المورانتيل، لأن لها نفس آلية العمل ونفس السمية المحتملة.
التأثيرات الجانبية المحتملة في القطط وكيفية التعامل معها
التأثيرات الشائعة في القطط
- فرط اللعاب (Hypersalivation).
- القيء.
- الاتساع الشديد للحدقة (Mydriasis).
- الهيجان أو الإثارة العصبية وهذه الأعراض قد تظهر حتى عند الجرعات العلاجية، لأنها مرتبطة بطبيعة عمل الدواء على العقد العصبية العضلية.
التأثيرات الخطيرة (في حال الجرعات الزائدة)
- تشنجات.
- ضيق تنفس.
- اكتئاب شديد.
- عدم اتزان.
- انهيار دوراني.
- فشل تنفسي قد يؤدي إلى الوفاة وذكرت المراجع أن أعراض الجرعة الزائدة تشبه أعراض التسمم بالفسفور العضوي، وأن العلاج يعتمد كلياً على الدعم الطبي وإبقاء الحيوان تحت المراقبة حتى زوال الأعراض خلال عدة ساعات.
كيفية التعامل مع الأعراض
- إيقاف الدواء فوراً.
- التواصل مع الطبيب البيطري.
- قد يتم إعطاء الفحم النشط عند التسمم الفموي.
- توفير دعم تنفسي عند الحاجة.
- إعطاء محاليل ومهدئات حسب توجيهات الطبيب البيطري.
نصائح مهمة قبل الاستخدام وبعده
- لا تستخدم الدواء دون وصف بيطري لأن جرعة صغيرة زائدة قد تسبب أعراضاً خطيرة.
- تأكد من تشخيص الإصابة بالديدان إجراء فحص البراز مهم لتحديد النوع المناسب من الأدوية.
- أخبر الطبيب بأي أدوية أخرى تتناولها القطة لأن بعض الأدوية تتداخل مع ليفاميزول.
- راقب القطة أول 4 ساعات بعد الجرعة لأن معظم الأعراض الجانبية تظهر في هذا الإطار الزمني.
- لا تكرر الجرعة إلا بتوصية مباشرة من الطبيب لتجنب السمية التراكمية.
- احرص على ترطيب القطة جيداً فقد يساعد ذلك في تخفيف الأعراض.
أخطاء شائعة عند إعطاء ليفاميزول للقطط وكيفية تجنبها
- إعطاء جرعة مخصصة لحيوان آخر أو لحيوان كبير بسبب اختلاف التركيب والتركيز.
- الخلط بين ليفاميزول والأدوية الأخرى المضادة للديدان مثل البيرانتيل، مما قد يسبب سمية مشتركة.
- الاعتماد على مصادر من الإنترنت غير موثوقة لتحديد الجرعة.
- محاولة علاج قط مصاب بمرض فيروسي باستخدام ليفاميزول وهو خطأ خطير لأنه مضاد استطباب في FIV وFIP وغير فعال في FeLV.
- إعطاء الحقن بشكل عشوائي لأن الحقن قد يزيد السمية وقد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
ختاماً
دواء ليفاميزول Levamisole هو دواء فعال ضد بعض أنواع الديدان وقد يمتلك خصائص مناعية مفيدة في حالات خاصة، لكنه ليس دواءً شائع الاستخدام في القطط بسبب ضيق هامش الأمان وارتفاع احتمالية الآثار الجانبية.
لذلك لا يجوز استخدامه إلا بعد استشارة طبيب بيطري يقوم بتقييم الحالة الصحية للقطة وتحديد مدى الحاجة إليه والجرعة المناسبة وآلية الإعطاء.
الاعتماد على الوصفات المنزلية أو الإنترنت في إعطاء هذا الدواء للقطط قد يعرّضها للخطر، وقد يؤدي (في بعض الحالات) إلى أعراض سمية خطيرة أو حتى الوفاة. لذا يجب دائماً الرجوع للطبيب البيطري قبل البدء بأي علاج.
المصادر
- Merck Veterinary Manual
- Cornell Feline Health Center
- ASPCA Animal Poison Control Center
- Pet Poison Helpline
- Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)
تنويه طبي
تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.
حول كاتب المقال
د. أحمد محلي
طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.
أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.
شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.
بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.
هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم