يُعد دواء سيسبلاتين (Cisplatin) أحد أشهر الأدوية الكيميائية المستخدمة في الطب البيطري لعلاج العديد من الأورام في الحيوانات، وخاصة الكلاب والخيول. ويُعرف تجارياً باسم Platinol، وينتمي إلى فئة الأدوية المضادة للسرطان التي تُعرف باسم العوامل المؤلكِلة.
رغم فعاليته العالية لعلاج أنواع متعددة من السرطان، إلا أن استعماله في القطط يُعد محظوراً تماماً بسبب خطورته البالغة، حيث تؤكد المراجع العلمية أنه يُسبب وذمة رئوية قاتلة في القطط.
من الضروري للمالك والبيطري على حدّ سواء فهم هذا الدواء، وآلية عمله، ولماذا يُمنع في القطط، وما البدائل المتاحة لعلاج السرطانات feline cancers دون تعريض الحيوان للخطر.
محتوى المقال
ما هو دواء سيسبلاتين؟
السيسبلاتين هو مركب دوائي قوي مضاد للأورام، ينتمي إلى مجموعة العوامل البلاتينية المستخدمة لعلاج العديد من السرطانات. يعمل من خلال التداخل مع الحمض النووي DNA داخل الخلية السرطانية، مما يمنعها من الانقسام والتكاثر، وبالتالي يؤدي إلى موتها تدريجياً.
يُعد هذا الدواء من أوائل العلاجات الكيميائية البلاتينية في الطب البشري والبيطري، ويُستخدم عادة في علاج:
- أورام العظام.
- أورام الخلايا الحرشفية.
- أورام الجلد والأنسجة الرخوة.
- الأورام الأنفيةز
- أورام الثدي وبعض الأورام التناسلية.
- بعض أورام الجهاز البولي.
غير أن فعالية الدواء لا تلغي مخاطره الكبيرة على بعض الأنواع الحيوانية، وعلى رأسها القطط.
آلية عمل سيسبلاتين داخل الجسم
يعتمد تأثير سيسبلاتين على خاصية الارتباط بالحمض النووي DNA داخل الخلايا. يقوم الدواء بتكوين روابط متصالبة بين سلاسل DNA، وهذا يؤدي إلى:
- منع تضاعف الحمض النووي.
- إيقاف عملية انقسام الخلايا.
- تحفيز آليات الموت الخلوي المبرمج (Apoptosis).
وبذلك يستطيع الدواء إيقاف نمو الورم أو تقليص حجمه.
ومع أن هذا التأثير ضروري لعلاج السرطان، إلا أن الدواء غير قادر على التمييز بين الخلايا السرطانية والخلايا السليمة سريعة الانقسام، وهو ما يفسر آثاره الجانبية الشديدة في العديد من الحيوانات، وخاصة القطط.
استخدامات سيسبلاتين في الطب البيطري
يُستخدم سيسبلاتين بكثرة في علاج الكلاب، لكن لا يُستخدم نهائياً في القطط. مع ذلك، لفهم أهميته، نستعرض استخداماته الشائعة في الطب البيطري:
- علاج الأورام العظمية مثل Osteosarcoma.
- علاج الأورام الجلدية مثل Squamous cell carcinoma.
- علاج أورام الأنف والفم.
- علاج الأورام بالأطراف.
- المساعدة في تقليص حجم الأورام قبل الجراحة أو بعدها.
لكن هذه الاستخدامات لا تنطبق على القطط مطلقاً بسبب خطورة الدواء عليها.
طرق إعطاء سيسبلاتين في الطب البيطري
في الكلاب (وليس القطط)، يُعطى سيسبلاتين عادة عبر:
- الحقن الوريدي IV infusion.
- عبر بروتوكولات علاجية متكررة كل 3 إلى 4 أسابيع.
- مع ضرورة إعطاء كميات كبيرة من السوائل الوريدية لحماية الكلى.
كما يمكن دمجه مع أدوية أخرى لتحسين الفعالية.
أما بالنسبة للقطط لا توجد أي طريقة إعطاء آمنة للدواء للقطط، وأي جرعة وحتى القطط الصغيرة قد تسبب وذمة رئوية قاتلة خلال ساعات. لذلك لا يوجد شكل دوائي (حبوب، شراب، حقن، مرهم…) آمن أو مسموح به للقطط.
الجرعات المناسبة للقطط
لا توجد جرعة آمنة أو موصى بها لسيسبلاتين في القطط، والسبب: حتى الجرعات العلاجية الصغيرة التي تُستخدم للكلاب تسبب تسمماً قاتلاً في القطط، خاصة على مستوى:
- الرئتين.
- الكلى.
- الجهاز العصبي.
لذلك، يجب تجنب الدواء كلياً في القطط وليس فقط تخفيض الجرعة.
موانع الاستعمال في القطط
سيسبلاتين ممنوع منعاً باتاً في القطط تحت أي ظرف، ومن حالات المنع (القطط فقط):
- الإصابة بأي نوع من السرطان (لأن الدواء يُعد خطيراً عليهم حتى عند الضرورة القصوى).
- الحمل أو الإرضاع (الدواء سام بشدة على الأجنة).
- مشاكل الرئة والقلب (حتى القطط السليمة تتأثر بشدة بالدواء).
- ضعف الكلى (الدواء ذو سمية كلوية عالية).
حتى في الحالات التي يتطلب فيها البروتوكول العلاجي سيسبلاتين للكلاب، يتم استبداله في القطط ببدائل آمنة مثل Carboplatin.
التأثيرات الجانبية المحتملة في القطط
التأثير الجانبي الرئيسي والقاتل هو الوذمة الرئوية الحادة (Fatal pulmonary edema). تحدث عادة خلال:
- ساعات قليلة من إعطاء الدواء.
- مصحوبة بصعوبة تنفس حادة.
- تؤدي للوفاة غالباً رغم التدخل السريع.
تأثيرات أخرى (نادرة لأنها تحدث قبل الوفاة):
- قيء شديد.
- فشل كلوي حاد.
- هبوط عام.
- تشنجات.
- التهاب مريء وقرحات.
- اضطرابات الكهارل.
ولذلك، يُمنع الدواء بالكامل في القطط تجنباً لهذه النتائج الخطيرة.
كيفية التعامل مع المضاعفات
عادة لا يُعالج التسمم الحاد بسيسبلاتين في القطط بسبب:
- تطور الوذمة الرئوية بسرعة شديدة.
- عدم وجود ترياق مضاد.
- ضعف الاستجابة للعلاج الداعم.
لكن في حال حدوث التعرض العرضي (وهو نادر جداً):
- وضع القطة على جهاز أكسجين.
- العلاج بموسعات القصبات.
- إعطاء مدرات مثل الفوروسيميد.
- مراقبة العلامات الحيوية.
- دعم الكلى بالسوائل.
- دخول وحدة عناية مركزة.
ورغم ذلك، فإن نسبة النجاة ضعيفة جداً.
نصائح مهمة قبل استخدام أي دواء علاجي للسرطان في القطط
بما أن سيسبلاتين غير مناسب للقطط، فمن الضروري اتباع الإرشادات التالية:
- الاعتماد على طبيب بيطري متخصص بالأورام (Veterinary Oncologist).
- إجراء تحاليل دم وكلى وكبد قبل أي علاج كيميائي.
- إجراء صور أشعة وأحياناً أشعة مقطعية CT لفهم مدى الورم.
- مناقشة البدائل الأكثر أماناً للقطط مثل:
- Carboplatin.
- Doxorubicin.
- Vincristine.
- Lomustine.
- مراقبة أي أعراض غير طبيعية بعد بداية العلاج الكيميائي.
- عدم إعطاء أي دواء بشري لعلاج السرطان دون استشارة بيطرية.
عاشراً: أخطاء شائعة عند إعطاء الأدوية للقطط
- الاعتقاد بأن جرعة صغيرة من سيسبلاتين قد تكون آمنة للقطط. الحقيقة: الدواء قاتل للقطط حتى بجرعات صغيرة.
- استخدام بروتوكولات علاج الكلاب مع القطط. لكل نوع بروتوكولات مختلفة تماماً.
- تقديم الأدوية دون فحص وظائف الكلى. لأن معظم أدوية السرطان تؤثر على الكلى بدرجات متفاوتة.
- إعطاء الدواء بالمنزل بدون متابعة بيطرية. علاجات السرطان يجب أن تُعطى داخل عيادة مجهزة.
- الاعتماد على معلومات الإنترنت دون مصادر دقيقة. أمر خطير خاصة في الأدوية الكيميائية.
ختاماً
دواء سيسبلاتين (Cisplatin) هو علاج كيميائي فعال لبعض الأورام، لكنه غير آمن إطلاقاً للقطط، حيث يؤدي إلى وذمة رئوية قاتلة.
لذلك، لا يجب تحت أي ظرف استخدامه لعلاج القطط، ويوجد بدائل آمنة وفعالة يمكن للطبيب البيطري وصفها.
تحذير
لا يجب استخدام أي دواء، وخاصة أدوية السرطان، للقطط دون استشارة طبيب بيطري متخصص.
أي خطأ بسيط في الدواء أو الجرعة قد يؤدي إلى نتائج مأساوية تهدد حياة الحيوان.
إذا رغبت، يمكنني إعداد مقالة أخرى عن البدائل الآمنة لسيسبلاتين في القطط أو بروتوكولات علاج السرطان الشائعة للقطط.
المصادر
- Merck Veterinary Manual
- Cornell Feline Health Center
- ASPCA Animal Poison Control Center
- Pet Poison Helpline
- Blackwell’s Five-Minute Veterinary Consult (كتاب بيطري مرجعي)
تنويه طبي
تم إعداد هذا المقال لأغراض تثقيفية فقط ولا يُغني عن استشارة الطبيب البيطري المختص. إذا لاحظت أي أعراض غير طبيعية على قطتك، يُنصح بمراجعة عيادة بيطرية فورًا.
حول كاتب المقال
د. أحمد محلي
طبيب بيطري متخرج من كلية الطب البيطري في حماة – سورية.
أتمتع بخبرة واسعة في رعاية الحيوانات الأليفة وتشخيص أمراضها وسلوكها وطرق رعايتها.
شغفي بمهنة الطب البيطري يدفعني لمشاركة معرفتي مع مُربي الحيوانات الأليفة عبر مقالات توعوية تسلط الضوء على أفضل الممارسات للعناية بصحة وسعادة الحيوانات الأليفة.
بفضل خبرتي الممتدة لعدة سنوات، أسعى لجعل المعلومات العلمية البيطرية سهلة الفهم ومتاحة للجميع لضمان حياة أفضل للحيوانات الأليفة.
هل كانت المعلومات التي وردت في مقالتنا مفيدة؟
نهتم كثيراً بآرائكم ومقترحاتكم. شاركونا بالتعليق على المقالة من أجل صحة قططكم القريبة إلى قلوبكم